إنما هو الأمر، فإن كان النهي مقتضياً للتحريم كان الأمر مقتضيًا لضده، وضد التحريم الوجوب" (١).
هذه إذاً نماذج من انتقادات ابن بشير للخمي نكتفي بذكر ما ذكرناه إذ ليس الغرض استقصاء كل انتقاداته.
[* المطلب الثالث: انتقاد ابن بشير لباقي العلماء]
لم يكن جهد ابن بشير النقدي مقصوراً على اللخمي بل انتقد كل من رأى أن قوله لا ينسجم مع أصول المذهب ورواياته وقواعده وهذه نماذج من ذلك:
١ - انتقاده للمدونة بسبب التناقض. وانتقاده للقاضي عبد الوهاب لبعد قوله عن مقتضى اللفظ. وانتقاده للبراذعي لزيادة عبارة في النص. وانتقاده للباجي لكون قوله غير سالم من الاعتراض. وكل هذا في نص واحد. قال في حكم سؤر الحيوان الذي يمكن الاحتراز منه:
" ... والثالث التفرقة بين الماء والطعام، ينطرح الماء ليسارته ويستعمل الطعام لحرمته، وهذا مذهب المدونة. ولكن حكم الماء الذي شربت منه الدجاج المخلاة أن يترك وينتقل إلى التيمم. ثم جعل المصلي به يعيد في الوقت خاصة. وهذا كالمتناقض لأن الانتقال إلى التيمم يقتضي الحكم بنجاسته والإعادة في الوقت تقتضي طهارته على كراهية فيه. وقد أجيب عن هذا الاعتراض بثلاثة أوجه: أحدها: أن مراده بالتيمم لا يقتصر عليه دون أن يتوضأ، وإنما تجوز في الكتاب بقوله يتيمم ويتركه. ومراده يجمع بينه وبين التيمم، قاله القاضي أبو محمد عبد الوهاب. هذا وإن ساعده الفقه فهو بعيد عن مقتضى اللفظ. والجواب الثاني: أنه حكم بنجاسته على أصله فقال يتيمم ويتركه ثم إذا صلى به أحد وقعت صلاته جائزة عند من يقول بطهارته، وهو أحد قولي مالك .... وهذا جار على أصل المذهب