للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للكتاب، وإنما تفصيل المذهب وتوجيه مسائله والتخريج عليها على نسق المدونة، دون العروج على ألفاظها بالبيان والشرح، وعلى هذا جرى اللخمي في تعليقته الشهيرة بالتبصرة. ولعله في ذلك مستفيد من القاضي عبد الوهاب في طريقته الفذة في شرحه على الرسالة وعلى مختصر ابن أبي زيد القيرواني، إذ أبان المذهب وبسط أدلته ورد على مخالفيه، دون التوقف عند ألفاظ الكتاب بالتعليق المباشر والبيان اللفظي.

[* المطلب الثالث: أسلوبه ولغته]

الأسلوب السلس الفصيح من مجملات التأليف الفقهي. وقد أدرك العلماء قديماً هذه القضية، فعبر عنها ابن السيد البطليوسي بقوله: " ... إن الطريقة الفقهية مفتقرة إلى علم الأدب مؤسسة على أصول كلام العرب" (١) ولقد توفرت هذه الحقيقة في جملة من كتب الخلاف، وكتب الفقه الشارحة لمتون الحديث كبعض شروح الموطأ والبخاري وغيرها، والعلة في ذلك كون هذه المؤلفات تتداخل فيها الأدلة والمناقشات والاعتراضات والاحتجاجات والافتراضات، مما يجعل الأسلوب الجاري على أساليب البلاغة ومقتضيات اللسان غالباً على هذا النمط.

أما كتب التفريع المذهبي التي ينتمي إليها كتاب التنبيه، فإن طبيعة مادتها قد لا تسعف على الإتيان بذلك الأسلوب الذي يطمح إليه. وشيخنا ابن بشير واحد من جملة الفقهاء الذين سيطرت عليهم المادة الفقهية، فجاء أسلوبه علمياً عقلياً، تقريريًا قد تبدو عليه سمة الجفاف.

رغم أن ألفاظه دقيقة ومركزة، وتراكيبه رصينة ومتأنية، وعباراته واضحة لا غموض فيها ولا التباس وليست في حاجة إلى شرح ولا تبيين، وبالجملة فأسلوبه أسلوب من يقرر الحقائق لا من يصف أو يستطرد أو يتخيل.


(١) الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف ص ٢٩، وانظر كذلك منهج البحث في الفقه الإسلامي لعبد الوهاب أبو سليمان ص ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>