للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[* المطلب السابع: لماذا أهمل المترجمون ابن بشير؟]

سبق أن أشرث في بداية هذا الفصل إلى أن ابن بشير لم يلق عناية واهتمامًا من قبل المترجمين، والآن وبعد أن ظهرت مكانته في الفقه عمومًا وفي المذهب المالكي خصوصًا علينا أن نجيب على هذا السؤال اللغز.

وبعد التأمل في المسألة تبين لي أن ذلك يرجع إلى ثلاثة أسباب:

السبب الأول: هو طبيعة ابن بشير نفسه، فقد تبين من خلال كتابه أنه لم يكن يبحث عن الشهرة والظهور، بل كان يفضل الخمول ويميل إلى الإبهام والتنكير وعدم ذكر أخباره وشيوخه. على خلاف ما جرت به عادة كثير من العلماء من تسجيل بعض أخبارهم ومناظراتهم ومراسلاتهم وشيوخهم ... بطريقة عرضية ضمن كتبهم حتى إن الباحث يستطيع التعرف على معالم شخصية المصنف من خلال أخباره المبثوثة في كتبه. وهذا ما لا نلمسه في التنبيه. وإن اضطر ابن بشير إلى ذكر شيء من ذلك، فإنه يبهم الأحداث وينكرها. وأسوق أمثلة توضح ذلك.

منها ما جاء في كتاب الوكالة: "ومن ذلك أخذ بعض المذاكرين مسألة وقعت في بعض البلاد بين يدي بعض القضاة ... " (١)، فالنص في غاية التعتيم والتكتم، فلم يبين من هم هؤلاء المذاكرين، ولا البلد ولا القضاة. فساق هذه الأشياء كلها مبهمة.

وعلى هذا النهج جاء كلامه عن أشياخه فلم يسم لنا أي شيخ منهم. فإن كان السياق يقتضي ذكرهم يميل إلى التعميم كعادته كما في المثالين التاليين:

" ... وقد ألزمه بعض أشياخي .. " (٢) " ... وقد كان بعض أشياخي ينكر هذا الذي يعتمد عليه ... " (٣).


(١) كتاب التنبيه ص: ٥٠ نسخة خاصة.
(٢) كتاب الطلاق من كتاب التنبيه.
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>