للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن اختلف في فسخ هذه العقود على القول بفسخ البيع على قولين: أحدهما: أنه يفسخ قياساً على البيع، والثاني: لا يفسخ لأنها مشبهة به، والمشبه بالشيء دونه في المرتبة. قال الأشياخ: هكذا يجري الأمر في الصلوات وغيرها من العبادات إذا تعيَّن وقتها واشتغل عنها ببيع أو غيره. وهذا فيه نظر, لأن الشريعة شأنها الالتفات إلى الكليات وحماية الذرائع ومنع المشغلات وهذا يظهر في الجمعة. وأما ما سواها فصوره نادرة. والصور النادرة لا يعلق (١) عليها مثل هذه العقوبات كفسخ البيع وما في معناه. قال الأشياخ أيضًا: ومما ينخرط في مثل البيع الشرب من السقاء بعد النداء إذا كان بثمن، وإن لم يدفع إليه الثمن في الحال. وهذا الذي قالوه ظاهر ما لم تدع إلى الشرب ضرورة.

[(النداء للجمعة)]

وللجمعة نداء وهو المشروع في زمان الرسول عليه السلام، وهو عند جلوس الإمام على المنبر. ولما كثرت العمارة في أحوال المدينة أمر عثمان رضي الله عنه بالنداء عند الزوال ليأخذ الناس في الأهبة إلى الصلاة والسعي إليها. والأحكام تتعلق بالنداء الثاني لا بالأول. وإذا خرج الإمام فلا خلاف أن [المشروع له] (٢) يسلم على الناس عند خروجه من المقصورة. وإذا صعد على المنبر فهل يسوغ له أن يسلم على الناس؟ في المذهب قولان: المشهور: أنه لا يسلم لاشتغاله بما هو أهم مما صرف إليه. والثاني: أنه يسلم لأنه بموضع يبصره من لا يبصره أولاً، ويسلم على الجميع ثم يجلس.

ولا خلاف في الجلوس الأول في خطبة الجمعة، وأما غير ذلك من الخطب كالاستسقاء والعيدين ففيها قولان: أحدهما: الأمر بالجلوس قياساً على الجمعة. والثاني: نفيه؛ لأن الجمعة إنما جلس في أول الخطبة انتظاراً للفراغ من الأذان، وهاهنا لا أذان ينتظره. لكن الجلوس أولى إذ به تسكن


(١) في (ر) يعلق.
(٢) ساقط من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>