للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(ما ورد في صفه الرفع)]

وإذا قلنا بالرفع ففي صفته قولان: أحدهما: أنه يبسط يديه فيجعل ظهورهما مما يلي السماء وبطونهما مما يلي الأرض، وهذه صفة الراهب. والثاني: أنه يرفعهما منتصبتين فيجعل أصابعهما مما يلي السماء (١)، وهذه صفة النابذ للدنيا وراء ظهره. واستحسن هذه الصفة المتأخرون؛ لأنه يمكن بها الجمع بين الأحاديث الواردة على منتهى الرفع. وقد اختلف المذهب في منتهاه على قولين: أحدهما: إلى الصدر، والثاني: إلى المنكبين (٢). فقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان يرفع يديه حذو صدره" (٣). وروي "حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ" (٤). وروي عنه "حذو أذنيه" (٥). وقد جمع بين هذه الأحاديث مالك رحمه الله فقال: يكون الكوع حذو الصدر وطرف الكف حذو المنكبين والأصابع حذو الأذنين. وهذا إنما يعم على القول بأن الرفع صفته نصب الكفين كما تقدم.

...


(١) في الأرض.
(٢) في (ص) و (ق) الكتفين.
(٣) لم أقف على هذا الحديث. وقد أورده صاحب التاج والإكليل ١/ ٥٣٦ على أنه نص سماع أشهب، وذكره ابن جزي في القوانين الفقهية ص:٤٣ قولاً، بصيغة التمريض.
(٤) أخرج البخاري في الأذان ٧٣٥ واللفظ له، ومسلم في الصلاة ٣٩٠ عَنْ سالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنكِبَيهِ إذَا افْتَتَحَ الصلاَةَ وَإِذَا كبرَّ لِلرُّكُوع وإذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيضاً وَقَاَلَ: "سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَهُ رَبنا وَلَكَ الحمدُ" وَكَانَ لاَ يَفعَلُ ذلِكَ في السُّجُودِ
(٥) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٢٢/ ٣٩، والبيهقي في سننه الكبرى ٢/ ٢٥ وقال عقبه: "يزيد بن أبي زياد غير قوي" (يعني الراوي).
قال ابن عبد البر في التمهيد ٩/ ٢٢٩: "اختلفت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة ومن بعدهم في كيفية رفع اليدين في الصلاة؛ فروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يرفع يديه مداً فوق أذنيه مع رأسه، وروي عنه أنه كان يرفع يديه حذو أذنيه، وروي عنه أنه كان يرفعهما إلى صدره. وكلها آثار محفوظة مشهورة وأثبت شيء في ذلك عند أهل العلم بالحديث حديث ابن عمر هذا وفيه الرفع حذو المنكبين وعليه جمهور الفقهاء بالأمصار وأهل الحديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>