مما لا شك فيه أن للبيئة وللظروف المحيطة بالإنسان تأثيرًا على حياته وسلوكه وثقافته، حتى قيل: إن الإنسان ابن بيئته، وكلما ازداد اطلاع الإنسان واتسعت ثقافته ومعارفه، دل ذلك على اتساع الرقعة المؤثرة فيه، فالعالم لا يتأثر ببيئته الضيقة فحسب، بل يتأثر بالمحيط الواسع الذي يتصل به.
ومن هنا لم يكن ليقتصر تأثر ابن بشير بما وقع بالقيروان وتونس وما والاهما من حواضر إفريقية، بل إنه ابن البيئة الممتدة في العالم الإسلامي آنذاك. وهذا يحتم علينا توسيع دائرة الحديث عن عصر ابن بشير ليشمل الشرق والغرب الإسلاميين. وكل ذلك باقتضاب وبحسب ما تدعو الحاجة إليه.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العصر سبق وأن درس من قبل، لكن وإن تعددت الدراسات فإن لكل دراسة خصوصيتها تتميز بها عن غيرها، فالدراسات السابقة؛ إما دراسات عامة أو جزئية، أو دراسات تصب في التعريف بشخص في الشرق أو في الغرب، فتتحكم ظروف ذلك الشخص في الدراسة، ولذلك إن أحلنا عليها نكون قد أحلنا على شيء لا يمكننا من فهم الشخصية المراد التعريف بها.
كما أن الكتاب المحقق قد يقع في يد شخص لا علم له بتلك الدراسات أو لا طاقة له إلى الوصول إليها، فيقرأه بدون أن يدرك الإطار