للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموالاة، وإن قلنا إنه يقتضي التراخي لم تجب. وكذلك أيضًا وضوؤه - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" (١).

يتضح في هذا النص أنه وظف القواعد الأصولية، وطبقها على الحديث مباشرة، وأجرى حكم ترتيب أفعال الوضوء على حكم موالاة الأفعال، ولم يعتمد على نصوص المذهب.

النموذج الثاني: قال ابن بشير: "ولا خلاف أن الخطبة إذا اشتملت على حمد الله تعالى [والثناء عليه] والصلاة على نبيه عليه السلام وشيء من الوعظ ومن تلاوة القرآن أنها مجزية. ولا يوجد في المذهب نص على اشتراط خطبتين حتى لا يجوز دونهما. وحكى أبو الحسن اللخمي في ذلك قولين. وهذا لو ساعدته الروايات لكان له وجه، لأن الرسول عليه السلام خطب خطبتين، فيجري على ما قدمناه من الالتفات إلى أفعاله. وإن أتى منها بما لا بال له، مثل أن يقول الحمد لله وشبهَه. فهل يجزي؟ قولان. والرجوع في ذلك إلى لسان العرب، ولا شك أن مثل هذا المقدار لا يسمى خطبة ... " (٢).

يتضح من هذا النص أنه استدل على وجوب الخطبة من فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الرغم من وجود النص في المذهب واحتكم إلى أهل اللسان ولم يحتكم إلى نصوص المذهب.

ثانياً: تعامله مع القواعد الأصولية والفقهية.

النموذج الأول: قوله: "وفروض الأعيان تجب بالعقل والبلوغ والإسلام ودخول الوقت. واشتراطنا البلوغ بعد ذكر العقل يجري على خلاف الأصوليين هل يوصف غير البالغ بالعقل أم لا؟ فإن قلنا إنه موصوف بذلك فيشترط البلوغ. وإن قلنا إنه غير موصوف بذلك فيكتفى باشتراط العقل. وأما اشتراط الإسلام فيجري على الخلاف في الكفار هل هم


(١) انظر ص: ٢٦٧ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ص: ٦٢٣ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>