للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا سافر أقل مما حددناه فقصر، هل تبطل صلاته أم لا؟ أما أن قصر في دون ستة وثلاثين ميلاً؛ فإنه يعيد وإن ذهب الوقت. قال في الراويات لأنه لم يختلف فيما دون ذلك، وإنما يعني (١) في أقوال أهل العلم المشهورين. وقال أبو الحسن اللخمي: يعني لم يختلف المذهب (٢). وليس كما قال، بل ما من أحد من أهل (٣) العلم يقول إنه يقصر فيما دون الأربعين ميلًا (٤). فإن قصر في الستة والثلاثين ميلاً، ففي وجوب الإعادة وإن خرج الوقت قولان: أحدهما أنه لا يعيد، والثاني؛ أنه يعيد. وهذا على الخلاف في مراعاة الخلاف.

...

[فصل (بعض أحكام مسافة القصر)]

ويشترط فيما قدمناه من المقدار أن يتعلق القصد بنهاية ويكون قصده


(١) في (ق) فإنما ينبغي.
(٢) التبصرة ص: ١٠٤.
(٣) في (ق) كما قال بل آخرون من أهل، وفي (م) كما قال بل لا أحد من أهل.
(٤) هذا سبق قلم من الشيخ رحمه الله، فالصواب ما قاله أبو الحسن اللخمي؛ فقد روى عن جماعة من السلف رحمة الله عليهم ما يدل على جواز القصر في أقل من ستة وثلاثين ميلاً فالأوزاعي يرى جواز القصر في مسيرة يوم، وهي حوالي أربعة وعشرين ميلاً. وكان أنس يقصر فيما بينه وبين خممسة فراسخ؛ وهي حوالي خمسة عشر ميلاً. وروى عن علي رضي الله عنه أنه خرج من قصره بالكوفة حتى أتى النخيلة فصلى بها الظهرّ والعصر ركعتين ثم رجع من يومه فقال: أردت أن أعلمكم سنتكم. وعن جبير بن نفير قال خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر ميلاً، أو ثمانية عشر ميلاً فصلى ركعتين فقلت له فقال: رأيت عمر بن الخطاب يصلي بالخليفة ركعتين، وقال: إنما فعلت كما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فرسخا -أي ثلاثة أميال- قصر الصلاة وقال أنس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين. شعبة الشاك رواه مسلم وأبو داود. فهذه النصوص وغيرها كثير يدل على أن هناك من يرى جواز القصر في أقل من ستة وثلاثين ميلاً. انظر تفصيل ذلك في المغني لابن قدامة: ٢/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>