للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزماً (١) لا تردد فيه، ولا يحتسب بالرجوع من ذلك السفر وإن لم يُقِم بعد وصوله إلا دون ما تحصل به الإقامة. بل يحسب تماديه على مسيرة واحدة إلى نهاية يقصدها. وإن كان في ذلك ما حددناه من الطول قصر وإلا فلا. فإن تخلل سفره إقامة؛ فلا يخلو أن يكون (٢) دون ما يوجب الإتمام، أو مقدار ما يوجب الإتمام. فإن كان دون ما يوجب الإتمام كاليوم واليومين والثلاثة، فلا خلاف أنه يحاسب بالمسير ويطرح الإقامة، فإن كان في جملة مسيره مقدار ما تقصر الصلاة فيه قصر وإلا فلا.

وإن كانت الإقامة مما يوجب الإتمام كالأربعة الأيام وما فوق، فهل يطرح تلفيق المسير؟ في المذهب قولان: أحدهما: إطراحه وتلفيق المسير، لأنه يحصل منه مقدار يقصر فيه الصلاة وإن لم يتم إلا بنية العزيمة على السفر. والثاني: نفي التلفيق، لأن السفر الأول تعلق بنهاية لا تقصر فيه الصلاة، والعزيمة على السفر بعد الإقامة عزيمة ثانية، فيعطى لكل سفر حكمه.

وهذا إذا لم تكن الإقامة في وطن، فإن كانت في وطن فلا يختلف في اطراح التلفيق ومراعاة الإقامة. ولو كان الأمر بالعكس؛ وهو أن يخلل إقامته سفر فهل يلفق الإقامتين (٣) أم لا؟ في المذهب قولان. ومثاله مسألة المدونة في الذي أوطن مكة ثم بدا له أن يتنقل عنها فيذهب إلى الجحفة (٤) ويعتمر منها ويعود إلى مكة ثم يخرج منها. فإنه لا شك بأنه يقصر في خروجه إلى الجحفة ورجوعه منها إذ ذلك مقدار تقصر فيه الصلاة.


(١) في (ق) حتما.
(٢) في (ق) وأن ارتحاله في سفر فلا يخلو أن يكون، وفي (ر) كان ارتحاله سفره إقامة فلا يخلو أن يكون.
(٣) في (ق) الأميال.
(٤) قال ياقوت الحموي: "الجحفة بالضم ثم السكون كانت قرية كبيرة ذات منبار على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمروا على المدينة فإن مروا بالمدينة فميقاتهم ذو الحليفة وكان اسمها مهيعة وإنما سميت الجحفة لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الأعوام".

<<  <  ج: ص:  >  >>