للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في إعادة الصلاة في جماعة]

مذهب فقهاء الأمصار أن صلاة الجماعة سنة، فتجزي الفرد صلاته بلا خلاف عندهم. والدليل القاطع على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الجماعة تفضل صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين (١) درجة أو سبع وعشرين درجة" (٢)، على ما وقع في الحديث. فقد ضاعف صلاة الجماعة بالنسبة لصلاة الفذ. ولو كانت صلاة الفذ غير مجزئة لما صح تضعيف الأجر بالنسبة إليها؛ لأن الباطل كلما نسب إليه وضوعف كان باطلًا مثله لكن ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر من صلى وحده بإعادة الصلاة في جماعة (٣)، ليكمل ما فاته من الأجر. وكأن الإنسان أمر بأن يؤدي الصلاة على صفة يحصل له بها أجر صلاة واحدة، أو على صفة يحصل له بها أجر سبعة وعشرين صلاة؛ فإن حصل أجر الواحدة كانت له الإعادة لتحصيل سبعة وعشرين (٤).

وعلى هذا النظر اختلف في الإعادة بأي نية تكون على أربعة أقوال: قيل: بنية النافلة لأن الفرض قد حصل، ومحال أن يعتقد تحصيله (٥) بعد أن


(١) في (ق) بسبع وعشرين درجة وقيل بأربع وعشرين.
(٢) لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ، والذي عند البخاري في الأذان ٦٤٥ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذَّ بِسبَع وَعِشرِينَ دَرجة" وفي حديث آخر عنده في الأذان ٦٤٦ عَنْ أَبِي سعيد الخُدْرِيَّ أنَّهُ سَمِعَ النَبِيَّ يَقُولُ: "صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذّ بِخَمْسٍ وَعشْرِينَ درَجَةً".
(٣) لعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه الترمذي في الصلاة ٢١٩ عن جَابِر بْن يَزِيدَ بْنِ الْأَسوَدِ الْعَامِرِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّتَهُ فَصَليتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبحِ في مَسْجِدِ الْخَيفِ قَالَ: فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَانْحَرَفَ إِنَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ في أُخْرَى القَوم لم يُصَليَا مَعَهُ فَقَالَ: "عَلَيَّ بهِمَا" فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ: "مَا مَنَعَكُمَا أن تُصليَا مَعَنَا" فَقَالاَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَا كُنَا قَدْ صَلَّينَا في رِحَالِنَا قَالَ: "فَلاَ تَفْعَلاَ إذا صَلَّيتمَا فِي رِحَالكُمَا ثُمَّ أَتَيتُمَا مَسجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَليا مَعَهُم فَإنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ".
قَالَ الترمذي: حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(٤) في (ق) لتحصل السبع وعشرين، وفي (ر) السبعة والعشرين.
(٥) في (ت) و (م) يفتقر إلى تحصيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>