للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (١) بأنهم كانوا أُجراء لا مالكين.

والطريق الثانية: أنه يرجع إلى صفة الحال (٢) فالفقير الذي يسأل، والمسكين الذي لا يسأل، وقد قيل الفقير الذي يعلم به فيتصدق عليه والمسكين الذي لا يعلم به واحتج هؤلاء بما ورد في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس المسكين الذي ترده اللقمة ولا اللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يعلم به، فيتصدق عليه ولا يسأل"، الحديث كما ورد.

[(بعض شروط الفقراء والمساكين)]

وإذا تقرر كونهما بمعنى أو بمعنيين فلا خلاف أنه يشترط فيهما الإسلام، والحرية، وهل يشترط فيهما عدم القدرة على الكسب، في المذهب قولان: أحدهما: أنه لا يشترط. والثاني: أنه يشترط، وهو يجري على الخلاف في من ملك أن يملك هل يعد مالكًا أم لا؟ فمن لم يَعُدّه مالكًا لم يشترط عدم القدرة. ومن عده مالكًا اشترطها. ويحتج من يشترطها بما روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة ... " وهذا الحديث لو صح لكان كالنص لأحد القولين في اشتراط عدم القدرة على الكسب.

ولا خلاف أنها تشترط الحاجة ولا شك أن ذلك يوجب اسم الفقر أو المسكنة.

وهل من شروط المحتاج أن يكون غير مالك للنصاب؟ في المذهب قولان: أحدهما: أن ذلك من شروطه لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "وأخبرهم أن الله تعالى فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" وهذا يقتضي تمييز من تؤخذ منه الزكاة ممن ترد عليه، وكونهما صنفين. ولا يحصل ذلك إلا إذا لم تعط لمن يملك نصابًا. والقول الثاني: أن ذلك ليس


(١) الكهف: ٧٩.
(٢) في (ر) المالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>