للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل (في أحكام أسآر الحيوان)]

وقد تقدم أن أسآر الحيوان طاهرة، وهذا إذا لم تستعمل النجاسة، فإن أكلت نجاسة، أو شربتها، أو كانت من عادتها تستعمل النجاسة، فلا تخلو من قسمين؛ أحدهما: أن تدعو الضرورة إلى غشيانها الأواني، كالهرة والفأرة، فهذه يحكم بطهارة سؤرها إلا أن تُعايَن (١) النجاسة فيه أو في أفواهها وقت الشرب، فإن أبصر ذلك فيه فاليُتوق ما (٢) حلته النجاسة. ويكون حكمه ما تقدم في الماء إذا حلته نجاسة. وفي المدونة لا بأس بالخبز من سؤر الفأرة (٣). ويروى بضم الخاء وبفتحها، ومعنى الضم نفس الخبز إذا أكلت منه فإنه يؤكل، وهذا ما لم ير فيه أثر النجاسة، فإن رأى ذلك طرح موضع النجاسة إن تميز، فإن لم يتميز كان طعاماً حلته النجاسة، فإن كان يسيراً طرح، وإن كان كثيرًا فقولان: أحدهما: أنه كالماء لا تفسده النجاسة اليسيرة، والثاني: أنه بخلاف الماء لأن الماء يُذهب النجاسة بخلاف الطعام.

ومعنى الفتح في الخَبْز أنها إذا شربت من ماء فيجوز أن يعجن به، وصوب بعض الأشياخ هذه الرواية معولاً على أن الفأرة إذا شربت من الماء فإن ما يلتقي فمها من الماء يتنجس ثم تجتلبه بالشرب فيبقى ما بعده طاهرا، وإذا أكلت من خبز فلا يزول (٤) أثر فمها. فيفارق حكم الماء حكم الطعام.

وهذا مما لا يعول عليه، وإنما يلتفت إلى ما قدمناه والروايتان صحيحتان.

...


(١) في (ق) تعاين آثار النجاسة.
(٢) في (ر) و (ق) فهو ما.
(٣) انظر المدونة ١/ ٦.
(٤) في (ر) يزال.

<<  <  ج: ص:  >  >>