للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغالب نجاستها. ومن صلى فيها؛ فإن تيقن بوجود النجاسة جرى على ما قدمناه من الخلاف فيمن صلى بنجاسة أو عليها، فإن لم يتيقن بوجود النجاسة فهل يكون كالمتيقن نظراً إلى الغالب؟ هذا مذهب عبد الملك بن حبيب (١). أو يرجع إلى الأصل، والأصل عدم النجاسة. ولا يعيد إلا في الوقت عامداً كان أو غيره. هذا هو المشهور. وهو على ما قدمناه من النظر إلى الأصل أو إلى الغالب.

[(حكم الصلاة في المقبرة)]

وأما المقبرة؛ فإن كانت غير منبوشة وأمن في موضع الصلاة من شيء من أجزاء المقبورين (٢)؛ ففي المذهب قولان: الجواز، وهو المشهور. والكراهية، وهو الشاذ. وكأن الكراهية التفاتاً إلى عموم النهي، ولأن أصل عبادة الأصنام اتخاذ قبور الصالحين مساجد. والجواز للأمن من ذلك على هذه الأمة، وحمل الحديث على توقي النجاسة.

فإن كان في موضع الصلاة شيء من أجزاء المقبورين، فيجري حكم الصلاة فيها على الخلاف في الآدمي هل ينجس بالموت أم لا؟ فإن قلنا بنجاسته كان المصلي فيها مصلياً على نجاسة، وإن قلنا بطهارته لم يكن كذلك. ولكنه تكره الصلاة هناك كراهية لوطء أعضاء الميت. هذا في مقابر المسلمين.

وأما مقابر الكفار فكره عند عبد الملك بن حبيب الصلاة فيها (٣). وعلل بأنه حفرة من حفر النار. ولكن من صلى فيها وأمن من النجاسة فلا تفسد صلاته وإن لم يأمن كان جارياً على ما قدمناه في المصلي على نجاسة.


(١) النوادر والزيادات: ١/ ٢٢٠.
(٢) في (ت) القبور.
(٣) قال ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات ١/ ٢٢٠: (قال ابن حبيب في من صلى في مقبرة المشركين وهي عامرة أعاد أبداً في العمد والجهل، وإن كانت دارسة لم يعد وقد أخطأ).

<<  <  ج: ص:  >  >>