للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في الصلاة على الدابة]

ومن اضطر إلى الصلاة على الدابة لعدم القدرة على النزول إما لمرض أو لخوفه، صلى الفريضة عليها. فإن قدر على التحول إلى القبلة تحوّل، وإلا سقطت في حقه. فإن أمن الخائف في الوقت فهل يعيد؟ قولان: أحدهما: أنه يعيد في الوقت. وهذا لظهور الأمن في الوقت. وحقه أن يؤخر إليه. والثاني: أنه لا يعيد قياساً على الخائف من العدو. وإن قدر المريض على النزول إلى الأرض وكانت صلاته بالأرض أكمل من صلاته على الدابة، فلا خلاف أنه يجب عليه النزول. فإن لم يفعل بطلت صلاته. وإن تساوت حالاته وكانت صلاته على الدابة كصلاته على الأرض لأنه لا يمكنه الإيماء، فهاهنا قولان: أحدهما: أنه ينزل لقوله عليه السلام: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرضُ (١) مَسجداً وَطَهُوراً" (٢). والثاني: أنه لا ينزل لتساوي حالته. والحديث محمول على بيان جواز الصلاة (٣) بكل مكان من غير اختصاص بمكان مخصوص. وقد حمل أبو محمد بن أبي زيد على المدونة أنه متى تساوت حالته صلى على الدابة. وإنما تكلم في الكتاب على أنه مختلف الحالة، وحمل عليها غيره من الأشياخ أنه ينزل وإن تساوت حالته حتى يباشر الأرض ليظهر التواضع. وهذا الكلام في الفرض.

وأما النافلة فلا يصلي عندنا على الدابة اختياراً في الحضر والسفر الذي لا تقصر فيه الصلاة، وقد ثبتت في رخص الشريعة. وهي على ثلاثة أقسام: قسم تقرر الإجماع أنه لا يختص بالسفر كأكل الميتة للمضطر ومسح الجبيرة، عند من أجازه. وقسم تقرر الإجماع على اختصاصه بالسفر كقصر الصلاة والفطر في رمضان. وقسم اختلف في اختصاصه وعدم اختصاصه كالمسح على الخفين. وقد تقدم الخلاف فيه. والتيمم تقدم الخلاف فيه


(١) في (ر) الأرض كلها.
(٢) أخرجه البخاري في الصلاة ٤٣٨، والترمذي في الصلاة ٣١٧ واللفظ له.
(٣) إلى هنا انتهت نسخة (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>