للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(حكم تكرار الممسوح)]

وكذلك لا يكرر الممسوح لأن مبنى أمره على التخفيف، والتَّكرار (١) تثقيل. وفي حديث عبد الله بن زيد (٢) أنه "مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ... " (٣). وهذا يظهر منه التَّكرار. ولمحاذرتهَ (٤) رأى الشيخ عبيد الله بن الجلاب (٥) أنه إذا ذهب بهما إلى قفاه، رفع راحتيه عن فوديه- وهما جانبا رأسه- فإذا ردَّ يديه رفع أصابع يديه عن وسط رأسه ومسح جانبى رأسه حتى يسلم من التكرار بالمسح على موضع واحد. والذي قاله خلاف لجميع أهل المذهب. واتفاق أهل المذهب أن يمر بيديه على جميع رأسه ذاهبًا وعائداً ليحصل المسح على جميع وجه الشعر، إذ الشعر منصب من وسط الرأس إلى جهة الوجه ومن الوسط أيضاً إلى جهة القفا. وفي تفسيره في هذا الحديث لصفة المسح مناقضة لما ابتدأ به لأنه قال أقبل وأدبر، ثم فسره بالإدبار والإقبال. وخير ما يُؤَوَّلُ لذلك بأن الواو لا توجب رتبة الترتيب. فقال: أقبل وأدبر، ومراده أدبر وأقبل، فابتدأ في اللفظ بذكر الإقبال تفاؤلاً.

...


(١) في (ق) و (ص) التكرير.
(٢) هو عبد الله بن زيد بن عاصم، يعرف بابن أم عمارة، أحد بني مازن النجار، وهو الذي قتل مسيلمة بالسيف مع رمية وحشي (ت ٦٣هـ)، يوم الحرة. الإصابة: ٦/ ٩١، والسير: ٢/ ٢٧٧.
(٣) متفق عليه، فقد أخرجه البخاري في كتاب الوضوء (١٨٥) واللفظ له، ومسلم في كتاب الطهارة ٢٣٥.
وقد ورد عند ابن بشير بلفظ "الذي منه بدأ" عوض "الذي بدأ منه".
(٤) هكذا في (ص) و (م) وغير واضحة في (ق).
(٥) هو أبو القاسم عبيد الله بن الحسين بن الجلاب. شيخ المالكية بالعراق، صاحب كتاب التفريع (ت ٣٧٨ هـ). ترتيب المدارك: ٤/ ٦٠٥، والسير ١٦/ ٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>