للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضييق الخناق على الخلفاء خوفًا منهم وحرصًا على بقائهم لاستمداد الشرعية منهم، فحيكت الدسائس والمؤامرات داخل أركان الدولة، وأصبح الجو مناسبًا ومواتيًا لكل معكر لصفوة الحياة وناشر للفتن.

[وضع السلاجقة]

أما السلاجقة، فعلى الرغم من أنهم هم الحكام الفعليون في المشرق، إلا أن دولتهم لم تكن مستقرة، إذ سرعان ما تمزقت وتناثرت أشلاؤها بعد موت السلطان ملك شاه سنة ٤٥٨ هـ الذي كان يحكم من حدود الصين شرقًا إلى جورجيا وفلسطين غربًا. فبموت هذا السلطان حصل تنافس وصراع على السلطة، ودارت في سبيل ذلك حروب طاحنة بين أبناء السلطان من جهة وأعمامهم من جهة أخرى، ثم بينهم وبين أبناء أعمامهم سلاجقة الروم بآسيا الصغرى، ثم بين أبنائه فيما بينهم. وقد دام هذا الصراع حوالي ٧٧ سنة من موت ملك شاه سنة ٤٨٥ إلى ٥٥٢ هـ (١).

وقد نتج عن هذا الصراع ضعف السلاجقة واضمحلال دولتهم واندثار هيبتهم. فكونوا ثلاث دويلات؛ واحدة بدمشق، والثانية بآسيا الصغرى، والثالثة بالعراق وفارس.

وقد أدى هذا إلى ظهور إمارات عربية صغيرة متناحرة فيما بينها يتقلب ولاؤها بين العباسيين تارة، والعبيديين تارة أخرى. كما ظهرت دويلات مستقلة عرفت بالأتابكة أو الشاهات (٢).

في هذه الأجواء انتعشت الحركات الباطنية والإسماعيلية، فتحركوا في البلاد طولًا وعرضًا يبثون أفكارهم ويعيثون في الأرض فسادًا بزعزعة عقائد الأمة ونشر الرعب والفزع في أبنائها، والقضاء على كل من يقف في طريقهم من العلماء (٣).


(١) انظر الحروب الصليبية في المشرق والمغرب لمحمد العروسي ص: ١٦.
(٢) محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية ٢/ ٤٥.
(٣) انظر الحركات الباطنية في العالم الإسلامي ص: ٤٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>