للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(حكم الشك في طلوع الفجر)]

وأما إن شك فهاهنا قولان: كراهية الأكل، وتحريمه. ورأى ابن حبيب أن القياس الإباحة.

وسبب الخلاف استصحاب حالين: أحدهما: إباحة الأكل، والثاني: وجوب الصوم؛ فمن نظر إلى استصحاب زمن الليل أجاز الأكل أو كرهه (١) مراعاة للخلاف، ومن نظر إلى وجوب استصحاب الصوم منع إلا أن يتيقن بالجواز.

فإن أكل ثم علم أن الفجر لم يطلع فلا شك في نفي القضاء، وإن علم بطلوعه فلا شك في إثباته، وإن أشكل عليه جرى وجوب القضاء واستحبابه على الخلاف المتقدم.

[(حكم من طلع له الفجر وهو يأكل)]

فإن طلع له الفجر وهو آكل أو شارب فالمنصوص أنه يلقي ما في فيه ولا قضاء عليه. وفي المذهب قولان: هل يجب إمساك جزء من الليل؛ لأنه لا يتوصل إلى إمساك جميع أجزاء النهار إلا به، أو لا يجب. فإن نفينا الوجوب فلا شك في نفي القضاء، وإن أثبتناه فيمكن أن يقال إنه واجب لغيره. فإذا لم يحصل تعلق الإثم ولا قضاء. ويمكن أن يقال وجب القضاء لانسحاب الوجوب عليه. وقد تعلق من أباح الأكل أو كرهه مع الشك بقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (٢)، ومع البيان لا شك. وظاهر الآية جواز الأكل إلى أن يستيقن (٣). واعتذر عن (٤) هذا بأن المقصود في الآية جواز الأكل وما ذكر معه في جميع أجزاء الليل, لأنها ناسخة لما كان في


(١) في (ر) كرهه.
(٢) البقرة: ١٨٧.
(٣) في (م) و (ق) و (ت) يتبين.
(٤) في (م) غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>