للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا علم العقائد وعلم الكلام:

من المؤكد أن أئمة أهل السنَّة والجماعة مالكًا وأبا حنيفة وأحمد والشافعي متفقون في الأصول والعقائد، مختلفون في الفروع. والدليل على ذلك تطابق ما قرره ابن أبي زيد القيرواني في مقدمة رسالته مع ما قرره الطحاوي الحنفي في عقيدته، ما عدا الخلاف في تعريف الإيمان الذي خالف فيه أبو حنيفة، واعتبر ابن أبي العز الحنفي الخلاف لفظيًا (١).

فالخلاف- إذا- كان بين أهل السنَّة من جهة وبين باقي الفرق من جهة أخرى. ومن أهم الفرق التي كان لها وجود بالمنطقة وأثرت في ثقافتها الخوارج والمعتزلة والشيعة:

[أ -الخوارج]

المعروف عن الخوارج أن تاريخهم تاريخ حروب وثورات وخروج عن الأئمة؛ فمن عهد الخليفة الراشد علي - رضي الله عنه - وهم يشكلون شوكة في خاصرة الدولة الإسلامية، ولم يستطع لا الأمويون ولا العباسيون القضاء عليهم، رغم أنهم تمكنوا من كسر شوكتهم وتمزيقهم وتشريدهم في البلاد. ولعلهم وجدوا في الغرب الإسلامي ملاذًا آمنًا ومستقرًا بعيدًا عن بطش الخلفاء الأمويين والعباسيين. وإن كان البعض يرجع سبب وجودهم في الغرب الإسلامي إلى عكرمة مولى ابن عباس. قال يحيي بن بكير: "قدم عكرمة مصر وقدم هذه الدار وخرج إلى المغرب. فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا" (٢).

ومهما يكن من أمر، فإن تأثيرهم في الساحة الفكرية كان خافتًا ومضمحلًا, لأنهم لم يسلكوا مسلك الإقناع والحجة والمناظرة والتأليف، بل سلكوا مسلك الخشونة والشدة والتهور وحمل الناس على آرائهم بالعنف


(١) شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٧٤.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>