للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث، وقوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي وقد ذكر له فرض الخمس صلوات، فقال: "هَلْ عَلَيَّ غيرُهُنَّ؟ فقَال: لاَ إِلاَّ أَنْ تَطوَّعَ" (١) الحديث. وأيضاً فإن من خصائص الفرائض الواجبات ألا تؤدى على الراحلة. ومن يخالفنا في هذه المسألة يجيز أداء الوتر على الراحلة، فدل ذلك على إلحاقه بغير الفرائض. وفي المذهب لسحنون أنه يجرم تاركه، ولأصبغ أنه يؤدب. فاستقرأ أبو الحسن اللخمي من هذا الوجوب (٢). فيحتمل ما قال، ويحتمل أن يريد أن من تركه متهاونا بعد معرفته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب عليه دل تركه إياه على تهاونه وعلى فساد حاله. وقد قال ابن خويز منداد في تارك السنن: إنه يفسق. ولا يظهر له وجه إلا ما قلناه.

واختلف الأصوليون أيضًا هل يجب الأمر بالمعروف فيما طريقه الندب، أو يكون الأمر بذلك مندوبا إليه ككون (٣) الشيء في نفسه. ولعل أصبغ بني التأديب على أحد القولين في وجوب الأمر بالمعروف، وإن كان المأمور به من قبل المندوبات.

[(وقت الوتر)]

وإذا تقررت هذه المقدمة قلنا: النظر في الوتر ينحصر في فصلين؛ أحدهما: في أوقاته، والثاني: في صفاته. فأما وقته فأوله لا خلاف فيه، وهو إذا صليت العشاء الآخرة في وقتها المشروع، احترازا من الجمع قبل الشفق. وأما آخر وقته، فالاختيار منه ما لم يطلع الفجر. وهل يكون له وقت ضرورة وهو ما بعد الطلوع إلى أن يصلي الصبح؟ في المذهب قولان؛ المشهور أنه يصلي الوتر ما لم يصلي الصبح. والشاذ أنه لا يصليه بعد طلوع الفجر، وهذا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة توتر له ما قد


(١) أخرجه البخاري في الإيمان ٤٦، ومسلم في الإيمان ١١ واللفظ له.
(٢) التبصرة ص: ١٠٧.
(٣) في (ق) مندوبا ككوت، وفي (ق) مندوبا لكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>