للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى" (١). فظاهر الحديث حصر وقته على ما قبل طلوع الفجر، لكن ثبت عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أنهم قضوه بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح. وبين الأصوليين خلاف في قول الصحابي هل هو مما يعتمد عليه؟ وإذا قلنا بالاعتماد حملنا الحديث على ما هو الأولى، ولا شك أن الأولى أن يؤدى قبل الفجر. وقد قال ابن الجهم (٢): إن قضاء الوتر بعد طلوع الفجر إنما هو على الخلاف في الزمان الذي هو بين طلوع الفجر وبين طلوع الشمس؛ هل هو من الليل، أو من النهار، أو زمان (٣) قائم بنفسه؟ وهذا إشارة إلى أن قضاءه بعد طلوع الفجر يجري على (٤) الخلاف الذي ذكرناه.

وإذا قلنا: إنه يصلي بعد الفجر ما لم يصل الصبح، فإن لم يصله حتى افتتح الصبح (٥)، فهل يتمادى أو يقطع؟ في كل واحد من الفذ، والإمام، والمأموم، قولان: أحدهما: أنه يقطع، والثاني: أنه يتمادى على صلاته، وقد فات الوتر. وإن جمعت الثلاثة قلت: أربعة أقوال: أحدها: أنهم يقطعون، والثاني: أنهم لا يقطعون، وقد فات الوتر، والثالث: أن الفذ والإمام يقطع والمأموم يتمادى، والرابع: أن الفذ يقطع خاصة والإمام والمأموم لا يقطعون.


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وهو عند البخاري في الجمعة ٩٩١ بلفظ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ عَلَيهِ السَّلاَم: "صَلاةُ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى".
(٢) هو: محمد أبو بكر بن أحمد بن محمد بن الجهم بن حبيش ويعرف بابن الوراق المروزي، له أُنس بالحديث وألف كتباً جلة على مذهب مالك منها كتاب الرد على محمد بن الحسن وكتاب بيان السنة خمسون كتاباً كتاب مسائل الخلاف والحجة لمذهب مالك وشرح مختصر ابن عبد الحكم الصغير. توفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وقيل سنة ثلاث وثلاثين. الديباج المذهب: (ص) ٢٤٣.
(٣) في (ق) أو من زمان.
(٤) في (ت) يجزي على هذا الخلاف.
(٥) في (ر) الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>