الاجتهاد بالرأي, لأن المجتهد يقدر الظروف الخاصة لهذه الواقعة باجتهاده برأيه، ويرجح دليلًا على دليل باجتهاده برأيه ... " (١).
فإذا كان الأمر هكذا فهل يليق بابن بشير أن يذهل عن هذا؟؟ أم أن إدخاله ما أدخله من الفروع في المذهب كان باعتبار أن دلالة الأصول الكلية أقوى من أدلة المصالح الجزئية؟
لعل مزيدًا من البحث يوضح هذا أكثر. والذي أجزم به هنا هو أن هذا الانتقاد، لم يلتفت إليه جمهور العلماء بل تجاهلوه ... بدليل أن ابن بشير ظل قوله معتمدًا في المذهب وكتبه رائجة، بل محفوظة عن ظهر قلب كما سبق، وستظهر مكانته العلمية أكثر في الفصل الثاني عندما نتحدث عن الكتاب.
وكم كنت أود أن أتجاهل أنا أيضًا هذا الانتقاد لاعتقادي أن ابن بشير أجل من أن يوضع في هذا الموضع. وأسمى من أن يرشق بما رشق به، وهذا لا يعني أنه مقدس أو معصوم من الخطأ. بل لاعتقادي أنه ليس من شرط العالم ألا يخطئ، ولكن إذا رأينا عالمًا عاملًا وقعت منه هنة أو هفوة، نبه عليها ووضح وجه خطئها، بألطف عبارة، وغمر ما بدر منه في بحر علمه وفضله، والله أعلم.
[* المطلب السادس: إذا أطلق ابن بشير فما المراد به عند المالكية؟]
دفعني لطرح هذا السؤال كثرة الأعلام المالكية المنتهية أسماؤهم بابن بشير وكثرة دوران هذا الاسم في كتب الفقه وحيرة الباحثين المعاصرين في تعيين العلم المراد به. ومن أشهر الأعلام التي تنتهي أسماؤهم بابن بشير نجد منهم:
محمد بن سعيد بن بشير المعافري قاضي قرطبة روى عن مالك، (ت) ١٩٨هـ بقرطبة.
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبدوس بن بشير تلميذ سحنون، ولد سنة ٢٠٢ هـ، (ت) ٢٦٠ هـ.