للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن بشير بالخصوص. أما ما ذكره عن ابن شاس وابن الحاجب (١) فلا شأن لنا به لأنه لا يتعلق بموضوعنا.

ويمكن تلخيص كلام ابن دقيق العيد والتنبكتي في أن فروع ومسائل المذهب لا تجري جميعها على القواعد الأصولية، ولا يطرد تخريجها عليها، وابن بشير جعل القواعد مطردة، ولم يراع المستثنيات.

ويمكن أن يقال عن هذا الكلام:

إن القواعد الأصولية وضعت أساسًا ليتم بواسطتها استنباط الأحكام من

الأدلة التفصيلية. وهي تمثل ميزانًا وضابطًا للاستنباط الصحيح وهي بمثابة قوانين عامة ومعايير سليمة يقيس بها المجتهد صحيح الأحكام من سقيمها.

إلا أن هذه القواعد قد تخرج عنها جزئية أو جزئيتان، ولكن خروجها لا يخرمها وعدم انخرامها يعني عدم تأثرها بخروج ما خرج عنها، فإذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة لا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان ولا حكاية الأحوال.

وما خرج عن تلك القواعد يدخله العلماء ضمن قاعدة الاستحسان التي هي عبارة عن "الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي." (٢) وقد وضح هذا عبد الوهاب خلاف بقوله: "إذا عرضت واقعة يقتضي عموم النص حكمًا فيها أو يقتضي القياس الظاهر المتبادر حكمًا فيها، أو يقتضي تطبيق الحكم الكلي حكمًا فيها، وظهر للمجتهد أن لهذه الواقعة ظروفًا وملابسات خاصة تجعل تطبيق النص العام أو الحكم الكلي عليها أو اتباع القياس الظاهر فيها يفوت المصلحة أو يؤدي إلى مفسدة، فعدل فيها عن هذا الحكم إلى حكم آخر اقتضاه تخصيصها من العام أو استثناؤها من الكلي أو اقتضاء قياس خفي غير متبادر، فهذا العدول هو الاستحسان، وهو من طرق


(١) استغرب كيف يحشر ابن بشير مع ابن الحاجب ويوضع معه في خانة واحدة مع اختلافهما الواضح في المنهج، فالأول يعد من أصحاب الموسوعات التي تهتم بالتأصيل والتعليل والنقد ... والثاني من أصحاب المختصرات.
(٢) المواففات ٤/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>