للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جديرًا بالعقوبة. فقد جاء في بعض مكاتبات المستنصر ما نصه: "من خالف مذهب مالك بالفتوى وبلغنا خبره أنزلنا به من النكال ما يستحقه، وجعلناه عبرة لغيره. فقد اختبرت فوجدت أن مذهب مالك وأصحابه أفضل المذاهب، ولم أر في أصحابه ولا في من تقلد بمذهبه غير معتقد للسنة والجماعة. فليتمسك الناس بهذا، ولينهوا أشد النهي عن تركه. ففي العمل بمذهبه جميع النجاة" (١).

ولعل هذا التصرف ومثله أدى إلى التعصب الممقوت فاكتوى به كثير من العلماء الذين لم يجدوا بدًا من مواجهته، وأذكر هنا على سبيل المثال موقف ابن حزم الذي واجه هذا الموقف بصلابة وعناد. ومن بين أقواله في هذا الشأن، ما ذكره صاحب نيل الابتهاج حيث قال: "قد وصل أهل الأندلس في تقليد مالك حتى يعرضوا كلامه تعالى وكلام رسوله على مذهب إمامهم، فإن وافقاه قبلوهما وإلا طرحوهما وأخذوا بقول صاحبهم، مع أنه غير معصوم. ولا نعلم بعد الكفر بالله معصية أعظم من هذا" (٢).

بعد هذا أرى أنه قد آن الأوان للحديث عن الوضع الثقافي في إفريقية موطن ابن بشير.

[* المطلب الثالث: الوضع الثقافي في إفريقية]

قبل الحديث عن هذا الموضوع لا بد أن أشير إلى أنه لا يمكنني أن أبتر الفترة المدروسة عن سياقها الزمني وتأثير ما قبلها فيها.

ولذلك سأكون مضطرًا للحديث عن المؤثرات السابقة التي تركت بصماتها ماثلة في الفترة الزمنية المعنية.

وأستهل حديثي بعلم العقائد وعلم الكلام قبل الحديث عن وضع الفقه.


(١) المعيار المعرب ١٢/ ٢٦.
(٢) نيل الابتهاج ص ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>