تعرف بسنة الأخماس، ودانت له سائر إفريقية، وجمع شتاتها تحت حكمه. فانتشر الأمن, وشعر الناس بالطمأنينة والسلام. ثم رجع إلى مراكش بعد أن استخلف على إفريقية أبا عبد الله محمد الكومي وجعل معه الحسن وأقطعه أراضي مهمة. وبهذا انتهت دولة الصنهاجيين.
ويبدوا أن ابن بشير عاصر من ملوكهم تميم بن المعز، ويحيى بن تميم وعلي بن يحيي، والحسن بن علي آخرهم.
وقد تحدثت عن المعز ومن قبله رغم أن ابن بشير لم يعاصرهم لما لتلك المرحلة المتقدمة من تأثير على ما بعدها.
وهكذا يظهر أن ابن بشير رحمه الله عاش في فترة زمنية متسمة بالاضطراب وعدم الاستقرار بل بانتشار السلب والنهب ولعل ابن بشير نفسه كان واحدًا من ضحايا هذه المرحلة، إذ قتله قطاع الطرق كما سيأتي بيانه.
ويبقى السؤال الأهم وهو: كيف انعكست آثار هذا الوضع السياسي المضطرب على الحياة الفكرية والثقافية في المنطقة؟ هذا ما سنتحدث عنه في المبحث اللاحق.
...
[* المبحث الثاني: الوضع الثقافي والفكري]
توجد علاقة وطيدة بين الوضع السياسي والنشاط الفكري والأدبي الموازي له، وقد تنعكس الخطوب والفتن السياسية سلبًا على هذا النشاط فتميد العلوم ويهوي صرح الأدب.
وقد تنعكس هذه الأحداث إيجابًا فيحيي الله بها العلوم والآداب والثقافة، وهذا ما حصل في المرحلة المدروسة حيث انعكس الوضع السياسي المتدهور إيجابًا على الوضع الثقافي، واستفادت الثقافة من الصراع السياسي، إذ تنافس الأمراء والوزراء في تقريب العلماء ورعايتهم والإغداق