للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النموذج الثالث: قال ابن بشير:

"ولا يجوز أن يصلي وهو يدافع خروج الحدث؛ فإن فعل ففي الكتاب يعيد بعد الوقت. قال الأشياخ: وهذا على ثلاثة أقسام: أحدها أن يمنع الحدث إتمام الفروض، وهذا يعيد في الوقت وبعده. والثاني أن يمنعه من إتمام السنن، فهذا يعيد في الوقت لا بعده. وينبغي أن يختلف في هذا على الخلاف في تارك السنن [متعمداً] هل يعيد بعد الوقت؟ ... " (١).

نلاحظ هنا أنه ذكر قول الأشياخ، ورأى أن المسألة ينبغي أن يختلف فيها، طرداً للقواعد وإجراءً لها على مثيلاتها.

بعد هذا أنتقل إلى قضية أخرى وثيقة الارتباط بالاجتهاد أعني التعليل.

[المطلب الثالث: التعليل عند ابن بشير]

إن إدراك كنه الشريعة، مرتبط أشد الارتباط بمعرفة مقاصدها وأسرارها وعللها "فمن لم يتفقه في مقاصد الشريعة فهمها على غير وجهها" (٢). "وزلة العالم أكثر ما تكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشريعة" (٣).

لقد كان ابن بشير مدركاً لهذه الحقيقة أشد الإدراك. وبذل جهداً في إبراز علل الأحكام وأسرارها، وألف في ذلك كتاباً مستقلاً سماه: "الأنوار البديعة إلى أسرار الشريعة" وجعل كتاب التنبيه، مدخلاً لهذا الكتاب (٤). فمزج فيه الأحكام بالعلل حتى أصبح الكتاب يتميز بهذه الميزة قال محمد مخلوف: "ألف كتاب التنبيه ذكر فيه أسرار الشريعة" (٥) ولو أنه ركز على النصوص الشرعية، بدل الأقوال الفقهية؛ لكان من أوائل المؤسسين لعلم المقاصد لكن يبدو أنه تأثر بشيخه اللخمي الذي رسم معالم هذا المنهاج (٦).


(١) ٢٩٦.
(٢) الاعتصام ٢/ ١٧٥.
(٣) الموافقات: ٤/ ١٧٠.
(٤) انظر مقدمة التنبيه.
(٥) شجرة النور ص: ١٢٦.
(٦) انظر أبو الحسن اللخمي وجهوده في تطوير الاتجاه النقدي ص: ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>