للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لَيسَ مِنَ البِر (١) الصَّومُ (٢) في السفَر" (٣) خارج على سبب، وهو أنه رأى رجلًا قد جهده الصوم فقال هذا القول. فهو عموم خرج على سبب. وبين الأصوليين خلاف هل يقصر على سببه، أو يتعدى؟ فإن قصرناه على سببه كان حجة للمشهور (٤)، وإن عديناه إلى (٥) غير هذا الموضع فنقصره هاهنا إما لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (٦) وسنذكر ما في هذه الآية وإما لما ثبت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانت تسافر (٧) معه - صلى الله عليه وسلم - فمنهم الصائم والمفطر ولم يعب بعضهم على بعض (٨). وإما لما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - سأله حمزة بن عمرو الأسلمي عن الصيام في السفر فقال له: "إن شِئتَ فَصُم وإِنْ شِئتَ فَأفطِر" (٩).

[(أيهما أفضل للمسافر الإفطار أم الصيام؟)]

وإذا [تقرر] (١٠) جواز الصوم في السفر على الجملة فهل هو أفضل، أو الفطر، أو يتساويان؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أن الصوم أفضل، وهو المشهور. والثاني: عكسه. والثالث: أنهما سيان.

وسبب الخلاف الآثار والاعتبار: أما الآثار فإنه - صلى الله عليه وسلم - صام في رمضان


(١) في (ر) الصبر.
(٢) في (ت) و (ر) الصيام.
(٣) أخرجه البخاري في الصوم ١٩٤٦، والدارمي في الصوم ١٧٠٩.
(٤) في (ق) و (ر) (م) للجمهور.
(٥) في (ر) و (ق) و (ت): في.
(٦) البقرة: ١٨٤.
(٧) في (ق) يسافرون.
(٨) أخرج البخاري في الصوم ١٩٤٧ واللفظ له، ومسلم في الصيام ١١١٨ عَنْ أنس بْنِ مالك قَالَ: "كُنا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَم يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفطِرِ وَلاَ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَائِمِ".
(٩) أخرجه البخاري في الصوم ١٩٤٣، ومسلم في الصيام ١١٢١.
(١٠) ساقط من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>