للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب الخلاف ترجيح الأمر [بالوتر] (١)، وهو إذا تمادى فاته. والأمر بالتمادي على العمل الذي هو فيه، وهو منهي عن قطعه. ومن فرق بين الفذ ومن هو في جماعة فلِتَأَكُّدِ ما دخله من العمل بمزيد (٢) فضل الجماعة. ومن قصر التمادي على المأموم فلأنه تابع لغيره والإمام ليس بتابع وهو في حكم الفذ. وأيضاً فإن الإمام إذا قطع أمكنه أن يصلي في جماعة والمأموم لا يمكنه ذلك. وهذا الذي حكيناه من الخلاف فيما إذا عقد ركعة من الصلاة أو لم يعقدها، في بعض الروايات التفرقة بين أن يعقد ركعة أم لا؟

وقد قدمنا الخلاف في تكبيرة الإحرام هل هي من الأركان التي يحافظ على التمادى بسببها أم لا؟ وإن أكمل الصلاة فلا خلاف عندنا أن وقته فات ولا يصليه بعد الصبح، إذ لا يؤدى شيء هناك من النوافل، وهو وتر لنافلة الليل، وقد انقطع حكمها فلا يقضيه بعد ذلك؛ لأن القضاء- على الصحيح من مذاهب الأصوليين- بأمر ثان، ولم يرد القضاء فيه. وإن اعترض هذا بما في المدونة من جواز قضاء ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس (٣). فقد قال الأبهري: إن القضاء هاهنا يجوز وإنما يصلي ركعتين، ولعل أجرهما ينوب عما فاته من أجر ركعتي (٤) الفجر. والوتر ركعة واحدة فلا يجوز أن يتنفل بركعة تنوب له عن ذلك. ولو صلى الوتر ثم تنفل بعده قبل طلوع الفجر لكان في الأمر بإعادته قولان.

وسبب الخلاف حديثان: أحدهما: لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ" (٥)، وهذا يقتضي نفي الإعادة. والثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -:"صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد


(١) ساقط من (ر).
(٢) في (ر) يريد.
(٣) المدونة: ١/ ١٢٤.
(٤) في (ق) ولعلهما ينوبان عما فاته من أجر ركعتي الفجر، وفي (ر) ولعل إحداهما تنوب عما فاته من إحدى ركعتي.
(٥) أخرجه الترمذي في الصلاة ٤٧٠، والنسائي في قيام الليل ١٦٧٩، وأبو داود في الصلاة ١٤٣٩. وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>