للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنها تبطل، وهو المشهور. والثاني: أنها لا تبطل، وهو الشاذ. والثالث: أنها تبطل إن كان السجود واجبًا عن نقص فعل، ولا تبطل إن كان عن نقص قول. والرابع: أنها تبطل لنقص الجلوس الأوسط وأم القرآن من ركعة واحدة، ولا تبطل إن كان من نقص غير ذلك. والخامس: أنها تبطل إن كان النقص في القول أو في الفعل، إلا أن تكون التكبيرتان وما في معناهما من قول "سمع الله لمن حمده".

فأما القولان بالبطلان ونفيه فبناء على أن السجود واجب لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر به فتبطل الصلاة لتركه، أو على أنه ليس بواجب لأنه بدل على غير واجب فلا تبطل الصلاة لتركه. وهذا الذي قلناه من كون المبدل غير واجب هو أصل المذهب وقاعدته. وانفرد أبو الوليد الباجي فرأى أن القول بالبطلان يقتضي أن المبدل عنه واجب، ورأى أن الصلاة على ثلاثة أضرب؛ منها إن كان لا يجزيه عنها إلا الإتيان بها ونفي ما قدمنا من الفروض. ومنها واجبات ينوب عنها السجود، وهذه التي عددناها آنفاً. ومنها فضائل هيئة لا تجبر. وهذا قياس على الحج فإنه على هذه الثلاثة الأقسام.

وأما الأقوال الأخيرة فمبناها على تأكيد المتروك وعدم تأكده، فتأكد عند قوم لكونه فعلاً، وعند قوم لهذا أو بالخلاف في فرضيته كأم القرآن في ركعة، وعند قوم بهاذين، وبكثرة الأقوال".

وبهذين المثالين تبرز النزعة التأصيلية الواضحة والمتمكنة في منهج ابن بشير، ورغم ميله إلى الاختصار والاكتفاء برؤوس الأدلة؛ يمكن أن تدفع به مع غيره ممن ساروا على نفس المنهج، التهمة التي حاول البعض إلصاقها بالمذهب المالكي. أعني دعوى عدم تأصيله واستناده إلى أقوال الرجال بدل الاستناد إلى النصوص من الكتاب والسنة (١).

...


(١) انظر مباحث في المذهب المالكي في المغرب ص ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>