للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأن أصحاب هذا المنهج يعتمدون على مشروعية الخلاف، أو يرون أن كل مجتهد مصيب ما دام الخلاف مشروعاً ومقصوداً.

الثاني: منهج من يسرد الأقوال والآراء الفقهية، معززة بأدلتها وأصولها، مع قصد الترجيح والاختيار ونصرة مذهب من المذاهب أو رأي من الآراء. وقد شحنت مؤلفات أصحاب هذا المنهج بأساليب أهل الجدل والمناظرة. أو أساليب أهل الحديث والأثر الذين يركزون على دراسة الأسانيد وضبط المتون، كالتمهيد لابن عبد البر وغيره.

وفي القرن الخامس وفي الغرب الإسلامي بالتحديد، حصل تقدم وتطور نوعي في تعامل الفقهاء مع الخلاف الفقهي، فقد نقلوا الدرس الفقهي من سرد للخلاف، أو الانتقاء منه، إلى تعليل الخلاف وتأصيله وتقعيده وذكر أسبابه ومبرراته.

وقد تناول علماء الغرب الإسلامي هذه القضية من شقين:

شق نظري مجرد قصد به، حصر أسباب الخلاف الرئيسية. وشق تطبيقي قصد به ربط الفروع بتلك الأسباب. ولعل أول من تحدث بوضوح عن الشق النظري هو: ابن حزم الظاهري في كتابه الإحكام في أصول الأحكام، (١) وقد لخص أسباب الخلاف في عشرة نقاط، تعتبر أصولاً ترجع إليها كل الأسباب الفرعية (٢). ثم تبعه بعد ذلك ابن السيد البطليوسي، فأفرد المسألة بكتاب مستقل (٣)، وإن تحدث فيه عن أسباب الخلاف عمومًا في الفقه وأصول الدين وغيرهما، ثم جاء بعد هؤلاء الشاطبي (٤) وابن


(١) نعم إن الشافعي أشار إلى شيء من ذلك قبل ابن حزم إلا أنه لم يكن واضحاً مثل ابن حزم- انظر الرسالة ص: ٢١٣.
(٢) الإحكام: ٢/ ٢٤٨.
(٣) والكتاب هو: الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الخلاف بين المسلمين في آرائهم.
(٤) انظر الموافقات: ٤/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>