للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعذر، وقال بعضهم: مستحب. وعوَّل على أن المذهب مختلف في وجوبه، أخذاً من حكاية أبي جعفر هذه. وليست صريحة في الوجوب كما ظنه، بل ظاهرها على غير الوجوب. وإنما يؤخذ من هذا أن المذهب على قولين: أحدهما: أن الغسل سنة، والثاني: مستحب. وهكذا قال أبو الحسن اللخمي في كتاب الطهارة. وقد يقال: إن ما حكاه أبو جعفر يقتضي الوجوب. وقوله: سنة، أي مما علم وجوبه بالسنة، كقول سحنون إن الوضوء من البول سنة، يريد: مما علم وجوبه بالسنة، وليس من قبل المندوبات. ولا شك أن ذلك محتمل، لكن الأظهر الأول" (١).

٢ - وقال في كتاب الصيد: "حكى أبو الحسن اللخمي أربعة أقوال في شروط الجارح، أحدها إذا زجر انزجر وإذا أشلي أطاع. الثاني أن يضاف إلى ذلك إذا دعي أجاب، وهذا في الكلاب، وأما الطير فلا يشترط فيها الانزجار، حكى ذلك ابن حبيب. وقال قول ابن القاسم أن الطير والكلاب سواء، فأخذ أبو الحسن من هذا قولاً ثالثاً، أن ابن القاسم اشترط في الكلاب والطير ثلاثة أوصاف وهي: الانزجار والاشلاء والاجابة عند الدعاء. وأخذ القول الرابع من الكتاب إذ قال: فيمن أدرك كلابه تنهش الصيد ولم تنفذ مقاتله فمات بنفسه قبل أن يمكنه ذكاته أنه يؤكل فجعل الانزجار ليس بشرط.

وهذا الذي حكاه أبو الحسن ليس بخلاف وإنما يقال في هذا أن كل ما فقه التعليم من سباع الطير وسباع الوحش فإنه يشترط فيهما، والمقصود من ذلك أن تنتقل عن خلقها الأصلي حتى يصير تصرفها بحكم الصائد. فحينئذ تكون آلة له، وإذا تصرفت على خلفها الأصلي كانت آلة لنفسها فلم تمسكه على الصائد بل على نفسها، وأما قوله في الكتاب: فيحتمل أن يكون مات الصيد بنفسه لما نهشته الجوارح ولو زجرها فانزجرت لم ينفعه ذلك فلا يؤخذ منه قوله إلا برفع احتماله" (٢).


(١) انظر ص: ٦٢٤ من هذا الكتاب.
(٢) التنبيه ص: ٢٢٣ نسخة خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>