للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليكون حمى للممنوع، وعليه نبه - صلى الله عليه وسلم -: "أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ". والوجه الثاني: أن المقصود أيضًا كسر الشهوتين. لكن ليس للاعتياد، بل يحصل من نفس الكسر قمع النفس عن شهواتها ومنعها من الاسترسال على لذاتها. وإليه الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّوْمُ جُنَّةٌ"" (١).

ومنه ما حكاه عن المحققين في علة إدراك الصلاة بركعة واحدة قبل خروج الوقت. فقال:

"قال المحققون في الانتصار للمشهور إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل مُدْرَكَ الصلاة قبل الطلوع أو قبل الغروب بالركعة؛ لأن الركعة صلاة كاملة؛ فيها تكبير وقيام وقراءة وركوع وسجود، وهذه جملة أحكام الصلاة. ثم الركعات بعدها تكرير لهذه الأفعال من غير زيادة، وإنما تكررت لحصول تأثيرها في النفس وهي في معنى الأول قطعاً، فالمدرك للركعة حصلت له جملة الصلاة في الوقت" (٢).

ومنه ما نقله عن غيره وانتقده وله عدة أمثلة منها:

أ- قال في الزرع الذي يسقى بالسيح، لكن رب الأصول لا يملك الماء وإنما يشتريه: "ومن أوجب هاهنا نصف العشر فإنما يعول على الالتفات إلى المعنى، وأن مقصود الحديث أن ما فيه كلفة ففيه نصف العشر، وما لا كلفة فيه ففيه العشر [كاملاً]، وهذا ظاهر [ما لم] يصادم النص؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل فيما يشرب بالعيون [أو بالبعل] العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر، فينبغي أن ينظر إلى المعنى لكن من غير أن يعود التعليل بمصادمة النص، وقد قال المحققون: إن كل علَّة تعود على النص بالإبطال فهي باطلة" (٣).

ب- قال في علة كراهية اتخاذ الأعرابي إماما: "وأبو الوليد الباجي


(١) انظر ص: ٦٩٨ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ص: ٤٦٨ من هذا الكتاب.
(٣) انظر ص: ٩٢٠ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>