للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف الأصوليون هل يقاس على الرخص أو يقتصر عليها وعلى ما وردت؛ فمن قال بالقياس ألحق بذلك غير الأحجار، ومن قصرها على ما ورد قال لا يكفي إلا الأحجار. وإذا قلنا بالقصر فهل يطلب في ذلك عدد؟ قولان: أحدهما: أنه لا يكفي دون الثلاث (١)، فإن لم يحصل الإنقاء بثلاثة طلب الزائد وإن حصل بأقل من ذلك طلب الثلاثة، وقيل يجزي إن حصل الإنقاء بواحد. والمشهور في الأحاديث طلب الثلاث لكن في بعضها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر من معه أن يأتي بثلاثة أحجار فأتاه بحجرين وروثة فأخذ الحجرين ورمى بالروثة وقال إنها رجس (٢) ولم يذكر في الحديث أنه طلب ثالثة (٣). وخرج أبو داود (٤) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن اسْتَجْمَرَ فَلْيُوترْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلَا حَرَجَ" (٥). وهذا يقتضي إباحة الاقتصار، وما قدمناه يقتضي طلب الثلاثة وهو مقتضى (٦) التعبد. وإذا أوجبنا الثلاثة فهل ينوب في دلك حجر ذو ثلاث شعب (٧)؟ قولان: أحدهما: الاكتفاء به لأنه


(١) في (م) و (ص) الثلاثة الأحجار.
(٢) في (ق) نجس.
(٣) لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ فيما توفر عندي من مصادر لكن بألفاظ قريبة، منها ما أخرجه البخاري في الوضوء (١٥٦) عن عَبْدَ اللهِ بن مسعود قال: "أتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارِ فَوَجَدْتُ حَجَرَينِ وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأتيْتُهُ بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ".
في (ر): الثلاثة.
(٤) هو: سليمان بن الأشعث .. الإمام أبو داود الأزدي السجستاني محدّث البصرة. صنّف كتابه السنن وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه .. وقال أبو بكر بن داسه: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس مئه ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب - يعني كتاب السنن - جمعت فيه أربعه آلاف حديث وثماني مئة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه .. سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٠٣، ٢١٧.
(٥) أبو داود في الطهارة ٣٢، وابن ماجه في الطهارة ٣٣٢، وأحمد في مسنده ٢/ ٤٦٣، والدارمي في الطهارة ٦٦٠ كلهم عن أبي هريرة، واللفظ لابن ماجه والدارمي.
(٦) في (م) يقتضي.
(٧) في (ص) و (ق) رؤوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>