للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجبات الوضوء فعدَّ البول والغائط والنوم (١). وعطف النوم على هذين يقتضي على هذا كونه حدثاً بمنزلتهما.

لكن اختلف الأصوليون في العطف هل يفيد التشريك في المعنى كما يفيده في الإعراب أم لا يفيده؟ وإنما تكون فيه حجة متى قلنا بأنه يفيده. على أن الحديث لم يثبت. ومعتمد (٢) المشهور من المذهب على أن النوم يذهب التمييز، ويمكن معه خروج الريح من غير أن يعلم، فإذا أمكن ذلك وجب (٣) الوضوء، وإليه الإشارة بما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "العينان وكاء السَّهِ فإذا نامت العينان استطلق الوكاء" (٤).

وهذا الحديث وإن لم يخرجه أهل الصحاح فقد اشتهر وهو منبّه على العلة، فإذا ثبت ذلك فيكون النوم ينقض على صفة دون صفة. وما هي الصفة؟ وقع التحديد في المذهب بطريقتين؛ إحداهما: [أنه] (٥) لا يخلو من أن يكون طويلاً ثقيلاً فينقض الوضوء من غير خلاف، أو قصيراً خفيفاً فلا ينقضه، أو قصيراً ثقيلاً ففيه قولان، أو طويلاً خفيفاً ففيه قولان أيضاً. وحكى أبو الحسن اللخمي في هذه الصورة استحباب الوضوء، (٦) والقولان فيهما كما ذكرناه (٧).


(١) لعله يشير إلى حديث صفوان بن عسال قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأَمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَراً أَنْ لاَ نَنْزعَ خِفَافَنَا ثَلاَثَةَ أَيَّام وَلَيَاليهِنَّ إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ من غَائِطِ وَبَوْلِ وَنَوْم" أخرجه الترمذي في الطهارة (٩٦) واللفظ له، والنسائي في الطهارة (١٢٧) وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثْ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(٢) في (ر) و (ق) ويعتمد.
(٣) في (ص) وجب ذلك.
(٤) لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ إلا عند الدارمي بلفظ أقرب عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّمَا الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَإذَا نَامَتْ الْعَيْنُ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ". وأخرجه بألفاظ قريبة أبو داود في الطهارة ١٧٥، وابن ماجه في الطهارة ٤٧٠، وأحمد في مسنده ٤/ ٩٦.
(٥) ساقط من (ر) و (ص).
(٦) التبصرة: ١٧.
(٧) في (ق) و (م) والقولان فيما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>