وهم من بقايا الفتح، انضموا إلى إخوانهم في الجنس، وانخذل عنه الصنهاجيون والزناتيون ففروا من المعركة، وبقي معه عبيده وخاصته يواجه الإعراب فثبت في وجههم وأبلى النبلاء الحسن، إلا أنه سرعان ما تكشف وهزم هزيمة نكراء وأعمل الإعراب السيف في عبيده، وقتل منهم عدد كبير، ففر المعز بنفسه وخاصته إلى القيروان، وبدأ يقاوم من داخلها إلى سنة ٤٤٨ هـ. فاضطر للخروج منها إلى المهدية، فدخل الإعراب إلى القيروان وخربوها وتركوها قاعا يبابًا، بعد ما كانت مدينة في قمة الحضارة والتمدن، تعج بالعلماء والصناع والتجار.
ولم يقتصر تخريب وفساد الإعراب على القيروان بل تعداها إلى كل إفريقية، فنتج عن هذا كله قيام فترة من الاضطراب السياسي والاقتصادي، فخرب العمران وقضي على معالم الحضارة، وساد قطاع الطرق في المنطقة. ولعل ابن بشير صاحبنا واحد من ضحايا هذه الفتنة. وسيأتي ذلك.
أما المعز بن باديس فقد قضى بقية عمره في المهدية حزينًا إلى أن توفي سنة ٤٥٤ هـ. وتولى بعده ابنه أبو يحيي تميم بن المعز، فورث عن أبيه دولة ممزقة الأشلاء، توالت عليها الحركات الانفصالية، فاستقل كل قائد بمدينة أو قلعة حتى أصبحت أشبه بالأندلس في عهد ملوك الطوائف (١). ورغم هذه الظروف فقد بذل تميم بن المعز جهودًا لا يستهان بها في قمع الثوار وجمع شتات الدولة.
ففي سنة ٤٥٥ هـ تمكن من استرجاع مدينة سوسة، وحاصر تونس بعد ما تمرد حاكمها ابن حرصان، وأرغمه على النزول على شروطه.
كما أن القيروان أعلنت تمردها كذلك بقيادة ابن ميمون الصنهاجي فأرسل لها جيشًا، تمكن من استرجاعها والتجأ ابن ميمون إلى الناصر ابن علناس حاكم القلعة.
وفي سنة ٤٥٦ هـ تجرأ حمو بن مليل البرغواطي حاكم سفاقص وهَمَّ