للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرجوع إلى براءة الذمة هو مقتضى مذهب أبي حنيفة. ولا يبعد أن يختلف المذهب في هذه المسألة [وإن وجد فيها نص] (١).

وإن قدر على بعض الأركان دون بعض أتى بالمقدور عليه وسقط عنه المعجوز عنه. لكن اختلف الأشياخ في من قدر على القيام فإن ركع وسجد لم يقدر على النهوض إلى القيام في باقي الركعات، وإن أومأ استمر على القيام؛ فقال بعضهم: يركع ويسجد ويسقط عنه القيام في باقي الصلاة؛ لأن الركوع والسجود فرض وله حق السبق في الحال، فلا يسقطه (٢) القيام. وفيه خلاف هل هو فرض لنفسه أو للقراءة. وفي القراءة خلاف هل هي فرض أم لا؟

وقال بعضهم: بل يكمل صلاته إيماء لأنه يأتي بالبدل عن الركوع والسجود وهو الإيماء، والقيام لا بدل عنه, لأن الجلوس حالة من أحوال الصلاة، وليس من جنس القيام بسبيل. وعلى هذا الرأي يركع ويسجد في الركعة الآخرة لأنه لا يجب عليه القيام فيعود إليه.

ولو قدر على القيام والجلوس ولم يقدر على الركوع والسجود جملة؛ فإنه يومئ للركوع والسجود. وكيف صفة إيمائه؟ قال الأشياخ: يومئ للسجدة الأولى (٣) من القيام وللسجدة الثانية من الجلوس إن أمكنه ذلك. وهذا لأنه يخر إلى السجدة الأولى من قيام، فيفعل في الإيماء ما كان يفعله في السجود. وهل عليه أن يبلغ في الإيماء منتهى وسعه؟ ظاهر المذهب على قولين: أحدهما: أنه ليس عليه ذلك. وأخذ من قوله في الكتاب: ويجعل إيماؤه للسجود أخفض منه للركوع (٤) والثاني: عليه استيفاء ما في وسعه. وأجرى أبو الحسن اللخمي هذا الخلاف على الخلاف في الحركة إلى الأركان. وهل هي مقصودة أم لا؟ وفي ذلك نظر لأن المطلوب هاهنا


(١) ساقط من (ر) و (ق) و (ص).
(٢) في (ر) يسقط.
(٣) في (ر) بسجود الأول وفي (ق) بالسجد الأول.
(٤) المدونة ١/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>