للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوِّلهم] (١) ما يؤدي إليه مبدأ قولهم، لم يحكم بتكفيرهم وحكم بتفسيقهم (٢).

وقد سئل أبو المعالي (٣) عن هذه المسألة فحكى خلاف الأئمة فيها، ثم قال: وقد نبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - على وقوع هذا الخلاف بقوله في الخوارج "يَمْرُقُونَ مِنْ الدَّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهمُ مِنْ الرّمِيَّةِ" (٤)، وقال في آخر الحديث: "وَتَتَمَارَى في الفُوقِ" (٥). وهذه إشارة إلى خلاف الناس في تكفيرهم والمناظرة فيه؛ فلا شك أن من حكم بكفرهم حكم ببطلان الإقتداء بهم، ومن حكم بأنهم غير كفار فلا يحكم ببطلان الصلاة وراءهم كالزنديق.

وفي المذهب في صلاة من اقتدى بهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يعيد أبداً، وهذا على القول بتكفيرهم. والثاني: أنه يعيد في الوقت، وهذا على القول بعدم كفرهم، لكن يعيد في الوقت لنقصهم بالفسق. والثالث: أنه لا يعيد في وقت ولا غيره، وهذا بناء على ما بني عليه في القول الثاني، لكن فسقهم لا يسري إلى نقص في الصلاة.


(١) ساقط من (ق).
(٢) في (ق) فيما يؤديهم إليه مبدأ قولهم لم يحكم بتكفيرهم وحكم بفسقهم.
(٣) هو: عبد الملك بن عبد الله بن يوسف العلامة إمام الحرمين ضياء الدين أبو المعالي الجويني رئيس الشافعية بنيسابور. جاور بمكة أربع سنين يدرس ويفتي ويجمع طرق المذهب ثم رجع إلى نيسابور وأقعد للتدريس بنظامية نيسابور واستقام أمور الطلبة وبقي على ذلك قريباً من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع مُسلّم له المحراب والمنبر والتدريس ومجلس الوعظ وظهرت تصانيفه .. توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة طبقات الشافعية ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦ (٢١٨).
(٤) أخرجه البخاري في المناقب ٣٦١٠، ومسلم في الزكاة ١٠٦٤ عن أبي سعيد الخدري.
(٥) أخرجه البخاري في فضائل القرآن ٥٠٥٨، وأحمد في مسنده ٣/ ٦٠، ومالك في النداء للصلاة ٤٧٧ واللفظ له. ولفظ البخاري وأحمد "وَيَتَمَارَى في الفُوقِ" عن أبي سعيد الخدري.
قال ابن منظور في لسان العرب ٦/ ٣٠٩ "الفُوق: موضع الوَتَرِ من السهم". قال ابن عبد البر في التمهيد ٦/ ٣٠٩: "تتمارى في الفوق أي تشك، والتماري الشك. وذلك يوجب أن لا يقطع على الخوارج ولا على غيرهم من أهل البدع بالخروج من الإسلام وأن يشك في أمرهم وكل شيء يشك فيه فسبيله التوقف عنه دون القطع عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>