للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ارتحل قبله أخر الأولى إلى وقت الثانية (١). وهذا حجة المشهور (٢). وما روي عنه أنه كان يؤدي كل صلاة لوقتها (٣)، فلعله كان يخف عليه النزول بعد الارتحال، إذ لا ضرورة في تلك السفرة تُلجيء إلى دوام السير.

وهل يجري حكم المغرب والعشاء على حكم الظهر والعصر؟ قال ابن القاسم في المدونة: "لم يذكر في المغرب والعشاء مثل ما ذكر في الظهر والعصر عند الرحيل من المنهل" (٤). وقال سحنون: الحكم متساو. واختلف الأشياخ هل قول سحنون رحمه الله تفسير أو خلاف (٥). والفرق أن العادة الارتحال عند الزوال لا عند مغيب الشمس، وهذا محال على شهادة بعادة.

فإن تساوت أوقات المسافر فإنه يجمع بين الصلاتين بتأخير الأولى إلى آخر وقتها وتعجيل الثانية في أول وقتها، فيدرك (٦) الوقت المختار للصلاتين.

وبأي عذر يجوز له الجمع؟ أما إن جَد به السير وخاف فوات حاجته جاز له أن يجمع [بلا خلاف في المذهب] (٧)، وإن جدبه السير ولم يخف ذوات حاجته في المذهب قولان: أحدهما: جواز الجمع، والثاني: منعه. وهذا قد يرجع إلى خلاف في شهادة هل يجد [به] (٨) السير لعذر،


(١) أخرج البخاري في الجمعة ١١١١ واللفظ له، ومسلم في المسافرين ٧٠٤ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي الله عَنْه قَالَ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَينَهُمَا وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظَّهْرَ ثُمُّ رَكِبَ.
(٢) في (ت) للمشهور.
(٣) أخرج عبد الرزاق في مصنفه ٢/ ٥٤٧، عن نافع أن ابن عمر كان يصلي في السفر كل صلاة لوقتها، إلا صلاة أخبر بوجع امرأته فإنه جمع بين المغرب والعشاء فقيل له فقال: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل إذا جد به المسير جمع بين المغرب والعشاء.
(٤) انظر المدونة ١/ ١١٧."والمَنْهَلُ المَوْرِد، وهو عين ماء ترِده الإبل في المراعي. وتُسمى المنازِل التي في المفاوِز على طُرُق السُّفار مَنَاهِلَ لأن فيها ماء." انظر مختار الصحاح ٢٨٤.
(٥) في (ق) و (ر) تفسيراً أو خلافاً.
(٦) في (ق) فيترك.
(٧) ساقط من (ق) و (ت).
(٨) ساقط من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>