للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: أقرت على جواز الاقتصار على ركعتين للمسافر، بخلاف الحاضر فإنه لا يجوز له الاقتصار.

وقد اعتذر عن إتمامها باعتذارات:

فمنها أنها كانت تعتقد كونها أم المؤمنين، فلا تحل إلا بوطن لها. ومن لم يحل إلا في وطنه فلا يقصر. وهذا ليس بشيء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر وهو أمير كل بلد حلَّ فيه ومالكه. هكذا قيل في الاعتراض على هذا التأويل. ولا يلزم؛ لأن الوطنية بالأمومية آكد منها بالإمارة. فيمكن أن تتناول عائشة رضي الله عنها ما قلناه وترى أنها مخالفة في ذلك للرسول عليه السلام في حكم الوطنية.

ومنها أنها كانت تعتقد التخيير بين القصر والإتمام فالتزمت أحدهما، وهو جائز في حق من يعتقد التخيير، وسنبين الخلاف في ذلك.

ومنها: أنها كانت تخاف أن يراها الجاهل فيعتقد أن الصلاة في كل موطن ركعتان، إذ (١) كان ذلك الزمن فيه الأعاجم وأجلاف الأعراب وهم قريبوا العهد بالإسلام، ولم تستقر الشرائع عندهم، فأتمت خيفة أن يقتدي الجاهل بها.

ومثل هذه التأويلات تأول على عثمان (٢) رضي الله عنه في إتمامه بمنى وعرفة، فزيد إلى ما تقدم أنه كان متما متى كان له أهل بمنى. وكان يعتقد أن السفر من مكة إلى عرفة لا تقصر فيه الصلاة لقصره. وسيأتي [سبب جواز القصر في] (٣) مثل هذا في المسافة التي بين مكة وعرفة أو منى في كتاب الحج إن شاء الله تعالى.

وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قصر الصلاة في السفر ثبوتا لا ريب فيه ولا إشكال، بل هو متواتر في المعنى.


(١) في (ق) إذا.
(٢) في (ت) ومثل هذا التأويلات على عثمان، وفي (ق) ومثل هذا التأولات تأول عثمان، وفي (م) ومثل ذلك التأويلات على عثمان.
(٣) ساقط من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>