للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها أنه يقصد التهيب للكفار، ومنها أنه يقصد مساواة الطريقين فلا فضل سيره فيهما، ومنها أنه يقصد التصدق على أهل الموضعين، ومنها أنه كان -صلى الله عليه وسلم - يسأل في طريقه عن الشرائع فأراد حصول العلم إلى أهل الطريقين، إلى غير ذلك من التأويلات التي في معنى هذا. ويحتمل أن يقصد أحدها أو جميعها.

والمستحب في هذه والاستسقاء والجمعة أن يمضي ماشياً، لأنه قاصد إلى الله تعالى. فإذا عاد، فله أن يركب. وإذا وصل وحلَّت الصلاه بدأ بها قبل الخطبة، وهي السنة. وإنما بدأ بالخطبة بنو أمية لمعان قصدوها لسنا لذكرها. وقد أنكرها أبو سعيد الخدري (١) على مروان (٢) والقصة مشهورة (٣).

والمستحب أن يأتي الصلاة (٤) إذا طلعت الشمس وابيضت، ولا ينبغي


(١) هو: الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري الإمام المجاهد مفتي المدينة سعد بن مالك بن سنان .. استشهد أبوه مالك يوم أحد، وشهد أبو سعيد الخندق وبيعة الرضوان، حدث عنه ابن عمر وجابر وأنس وجماعة من أقرانه .. وخلق كثير وعن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال عرضت يوم أحد على النبي-صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن ثلاث عشرة فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول: يا رسول الله إنه عبل العظام وجعل نبي الله يصعد في النظر ويصوبه ثم قال: رده فردني .. توفي بعد سنة سبعين" سير أعلام النبلاء ٣/ ١٦٨ - ١٧٣.
(٢) هو: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أتخذه سيدنا عثمان كاتباً له، واتخذه معاوية والياً على المدينة، وعزله عبد الله بن الزبير ولما اعتزل معاوية بن يزيد الحكم دعا لنفسه، وأسس الدولة المروانية توفي سنة ٥٦ هـ الأعلام ٧/ ٢٠٧.
(٣) أخرج البخاري في الجمعة ٩٥٦ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخْدرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يَخْرُجُ يَومَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إلَى المُصَلَّى فَأَوَّلُ شَىْءٍ يَبدَأ بِهِ الصلاَة ثم يَصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلوسٌ عَلَى صُفوفِهمْ فَيَعِظُهُمْ وُيوصِيهم وَيَأمُرُهُمْ فَإنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثاً قَطَعَهُ أَوْ يَأمُرَ بِشَىْء أَمَرَ بهِ ثُمَّ يَنصَرِفُ، قالَ أَبو سعيد فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَروَانَ وَهُوَ أمِيرُ المَدِينَةِ في أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ فَلمَّا أَتَيْنَا المُصَلَّى أذَا مِنْبَرْ بَنَاهُ كَثِيرُ بن الصَّلتِ فَإذا مروَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتقِيَهُ قَبْلَ أن يُصَليَ فَجَبذْتُ بثَوبِهِ فَجَبَذَنِي فَارتَفَعَ فَخَطَبَ قبِلَ الصَّلاةِ فَقلت لَهُ غيرتُم وَاللهِ فَقالَ أبا سَعِيدٍ: قَدْ ذَهَبَ مَا تَعَلْمُ فَقلت: مَا أَعلَمُ وَاللهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعلم، فَقَالَ: إِن الناسَ لَمْ يَكُونُوا يَجلِسُون لَنا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاة.
(٤) في (ق) يؤتي بالصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>