للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن محققي كتاب العمر نَقَلا عن صلة السمط لابن شباط، أن ابن بشير كان يقيم في بجاية (١)، وأن أصله من سفاقص- إن ثبتت أخوته لأبي عبد الله الشاعر السالف الذكر-، ولم يذكرا كيف توصلا لهذا الاستنتاج (٢) ..

وهذا كله غير مستبعدة فيمكن أن يكون أصل العائلة من سفاقص ثم انتقلت العائلة إلى المهدية. وانتقل ابن بشير بعد ذلك إلى بجاية.

هذا إذا علمنا أن هاتين المدينتين تغري العلماء بالإقامة فيهما زمن ابن بشير.

فالمهدية (٣) التي بناها عبيد الله المهدي سنة ٣٠٤ هـ ليحتمي بها العبيديون من غارة أعدائهم (٤)، كانت هي الملاذ الآمن للصنهاجيين بعد اجتياح الأعراب لإفريقية سنة ٤٤٤ هـ. فقد انتقل إليها المعز بن باديس وجعلها قاعدة لملكه، فنشطت فيها الحركة وازدهرت التجارة والعلوم.

أما بجاية فقد اتخذها بنو حماد سنة ٤٥٧ هـ مقرًا لهم لما عجزت قلعتهم عن حمايتهم من الزحفة الهلالية. وكانت عبارة عن ميناء صغير به دور قليلة وحقيرة، فأعاد بنو حماد بناءها وحصنوها وجعلوها قاعدة لملكهم. فازدهرت فيها الحياة العلمية "فكان القضاة وأهل الفتوى ومدرسو العلوم ينتقلون بحكم الارتباط السياسي والإداري بين تونس وبجاية، وذلك ما سمح لوشائج العلم وأوابد الفكر أن تروج مرددة الأصداء بين جامع


(١) هامش ٥ ص ٦٧٤.
(٢) هامش ٥ ص ٢/ ٦٧٤.
(٣) لقد كان علماء أهل السنَّة يسمون هذه المدينة بالمردية مناقضة لاسمها الذي سماها به بنو عبيد إذ كانت عش كفرهم ودار ضلالهم، قال عياض ووجدت أبا عمران الفقيه يحكي عنها بالمهدومة تطيراً لها ترتيب المدارك ٥/ ٣٠٠، قلت لقد أصبحت هذه المدينة من بعد النصف الثاني في القرن الخامس دار لأهل السنَّة ومثلها مثل الأزهر الذي بناه العبيديون لنشر التشيع فأصبح بفضل الله مركزًا لنشر الفكر السني.
(٤) تاريخ المغرب الكبير ٢/ ٦٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>