للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يحرجه (١). وما نحن فيه من المسألة إنما ينزل الجند على وجه التعدي من غير أن يختار ذلك أهل المنزل، فهو أشبه بالذي يقال له عيب أو هو بعينه. وذلك عيب، لا يخفى أنه ينقص من ثمنها، وتقل الرغبة في طلبها. وما قلته من سيرة الأولين فلم يذكر عن ابن الخطاب رضي الله عنه مع كثرة دورانه في خطة الشام والعراق وغيرها، أنه كان يكثر الدوران وينزل الأجناد في دور الناس بغير إذنهم وهذا لا يليق به وبأمثاله فإن كنت تستدل بمثل فعل الحجاج بن يوسف أو غيره من الأمراء الظلمة فلا حجة في فعله.

ولما وقع السؤال في نقل المسألة وطلبت في عينها، قلت لهم- عند سكوتهم واعترافهم- بأن النقل لم يقف عليه واحد منهم. قيل لي: عندك أنت النقل؟ قلت: نعم. قلت لهم المسألة عن مالك أنها إذا كانت ضيعة نقيلة (٢) الخراج، وكانت معتادة في نزول الأجناد، فإن ذلك كله عيب ترد به" (٣).

والذي يعنينا في هذا النص هو قوله: "ولما وقع السؤال في نقل المسألة وطلبت في عينها قلت لهم- عند سكوتهم واعترافهم- بأن النقل لم يقف عليه واحد منهم".

فمن خلال هذا النص يتبين أن ابن بشير كان حاضرا أثناء النقاش والمناظرة. ولم يتدخل رغم أنه كان عنده علم في عين المسألة لم يكن عند المتناظرين. ثم تدخل في الأخير بعدما طلب منه التدخل، وبعد سكوت المتناظرين.

وهذه صفات أهل الوقار والمروءة والسمت الحسن، فهم لا يتكلمون


(١) أخرج البخاري في الأدب (٦١٣٥) واللفظ له، ومسلم في اللقطة (٤٨) عَنْ أَبِي شُرَيْح الْكَعْبِيَّ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَليُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَته يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّام فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ". حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ مِثْلَهُ وَزَادَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ".
(٢) هكذا في المخطوطة. وهي غير واضحة المعنى.
(٣) كتاب التنبيه، نسخة [ل] ص: ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>