للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفحول، وجعل ابن بشير ضمن الفحول. وهي منزلة من أرقى المنازل وأعلاها، إذ الفحولة تطلق على الجيد والصفوة من كل شيء.

وفي نفس السياق يقول الفاضل ابن عاشور مفسرًا لهذه الفحولة: "وتكون بالإمام اللخمي الإمام أبو عبد الله المازري، فكان مع الحلبة التي عاصرته من الفقهاء الذين نستطيع أن نذكر منهم على سبيل المثال الواضح أربعة: وهم المازري وابن بشير وابن رشد الكبير والقاضي عياض. فهؤلاء هم الذين سلكوا طريقة جديدة في خدمة الحكم؛ هي الطريقة النقدية التي أسس منهجها أبو الحسن اللخمي، فصاروا في الفقه يتصرفون فيه تصرف تنقيح، وينتصبون في مختلف الأقوال انتصاب الحكم الذي يقضي بأن هذا مقبول، وهذا ضعيف، وهذا غير مقبول، وهذا ضعيف السند في النقل، وهذا ضعيف النظر في الأصول، وهذا مغرق في النظر في الأصول، وهذا محرج للناس أو مشدد على الناس، إلى غير ذلك. وهي الطريقة التي درج عليها الإمام المازري في شرحه على التلقين للقاضي عبد الوهاب ودرج عليها ابن بشير في شرحه على المدونة الذي سماه التنبيه على مسائل التوجيه ... " (١).

ولما ذكر صاحب الاختلاف في المذهب المالكي طائفة من علماء المذهب الذين تبوؤوا منزلة الاجتهاد المذهبي وتسنموا غارب الترجيح واعتمدهم المصنفون في التشهير والتصحيح، لم يغب عن ذهنه ابن بشير، فذكره ضمن هذه الكوكبة من العلماء (٢).

وبعد هذا لا نستغرب توشيح ابن فرحون له بقوله: "كان رحمه الله إمامًا عالمًا مفتيًا جليلًا فاضلًا ضابطًا متقنًا حافظًا للمذهب إمامًا في أصول الفقه والعربية والحديث، من العلماء المبرزين في المذهب، المترفعين عن درجة التقليد إلى رتبة الاختيار والترجيح" (٣).


(١) المحاضرات المغربيات ص: ٨١.
(٢) الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي ص: ١٩٩، ٢٠٠.
(٣) الديباج المذهب: ١/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>