للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قول الدسوقي: "صرح بذلك ابن بشير وتابعوه" (١).

وأما ما يدل على أن له طريقة فأكتفي بما ورد في مواهب الجليل، من ذلك قوله: "وهذه طريقة ابن بشير" وقد رددها تسع مرات في الكتاب (٢).

بعد هذا لا أكون مبالغًا إذا قلت: إن لابن بشير مدرسة وأتباعًا داخل المذهب، تأثروا به وساروا على نهجه. ومما يؤكد هذا ما ورد في نفح الطيب من أن ابن الحاجب لم يخرج عن ابن بشير وابن شاس إلا في الشيء اليسير. قال المقري: " ... ذكر عند أبي عبد الله ابن قطرال المراكشي أن ابن الحاجب اختصر الجواهر فقال: ذكر هذا لأبي عمرو حين فرغ منه فقال: بل ابن شاس اختصر كتابي. قال ابن قطرال وهو أعلم بصناعة التأليف من ابن شاس. والإنصاف أنه لا يخرج عنه وعن ابن بشير إلا في الشيء اليسير. فهما أصلاه ومعتمداه، ولا شك أن له زيادات وتصرفات تنبئ عن رسوخ قدمه وبعد مداه" (٣).

ولم ينحصر إشعاع ابن بشير داخل المذهب بل تعداه إلى خارجه؛ فهذا تقي الدين ابن تيمية الحنبلي يستدل بأقواله (٤)، وابن الملقن أبو حفص عمر بن علي الشافعي (٥)، وكذلك الألوسي الحنفي (٦). ولكن رغم هذا فإن تأثيره خارج المذهب يبقى ضعيفًا إذا ما قورن بتأثيره داخله. ومرد هذا كون ابن بشير عاش في فترة انكب المالكية فيها على دراسة المذهب وخدمته بعدما خلت لهم الساحة ولم يعد هناك داع للخوض في المناظرات والخلاف العالي. وقد سبق الحديث عن هذا قريبًا.


(١) حاشية الدسوقي ٣/ ٧٦.
(٢) انظر مواهب الجليل: ١/ ٨٧، ١٤٧. ١٥٠، ٣/ ٢٩٢، ٣٧٦، ١٣٦، ٤٢١، ٤٥٥، ٤/ ٥٣٣.
(٣) ٥/ ٢٢١.
(٤) انظر الفتاوى ٣٢/ ٤٧.
(٥) انظر الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ١/ ٦٠٥، ٦٥٣، ٢/ ٩٣، ٤٨، ٥٤١, ٥/ ٤٤٥.
(٦) انظر روح المعاني ٧/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>