للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: اللحم يتهوا بالدباغة، ولا يثبت مثل الجلد (١).

قيل: وأي حاجة بنا إلى دباغ اللحم والجلد إن كانت النجاسة تزول بعد الموت، فالغسل يكفي فيهما، ألا ترى أنهما في الذكاة على طريقة واحدة، لو أصاب اللحم دم زال بالغسل كما يزول من الجلد، ونحن نعلم أن كل نجاسة تكون في لحم المذكى أو الميت لو نقعت في الماء المسخن أو غيره من الماء والملح والخل، وطال مكثه خرجت كل نجاسة فيه، وقد كان يمكن أن ينقع في الماء والأشنان وغيره مما يقلع النجاسات أكثر مما يقلعه الشب والقرظ، ويثبت مع ذلك ولا يفسد، فلما كان هذا كله لا يزيل نجاسة اللحم؛ لأنها بالموت حصلت كذلك الجلد لحصول الموت فيه، وعلمنا بهذا أن الشب والقرظ أدخل في الجلد؛ لأنه تصير عليه غشاوة يمكن استعماله معها على وجه ليطول بقاؤه والانتفاع به، لا أنه يصيره طاهرا بذلك.

على أنهم يدبغون المذكى أيضا لحاجتهم إليه.

وعلى أن قياسنا إياه على اللحم أولى؛ لأننا رددنا ما تنجس بالموت إلى مثله، ورددنا جزء اكتساه جزء مثله؛ [لأن لحم الميتة نجس لأنه اكتساه العظم النجس، فكذلك الجلد نجس] (٢)؛ لأنه اكتساه جزء منه نجس، وهو اللحم، والجميع يحله الموت.

ولا يلزمنا على هذا الصوف والشعر؛ لأن الحياة والموت لا يحلان فيهما (٣).


(١) انظر المجموع (٢/ ٢١٠).
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٣) وسيناقش المصنف ذلك في مسألة قادمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>