يليق به مذهبه، وأن أذكر لكل أصل نكتة، ليجتمع لكم الأمران جميعًا، أعني علم أصوله ومسائل الخلاف من فروعه إن شاء الله تعالى.
[المبحث الرابع قيمتها العلمية]
تظهر أهمية المقدمة من الأصول في الفقه في أنها أقدم مصنف أصولي على غير طريقة الأحناف بعد رسالة الشافعي، وهذا يبين لك الطريقة التي كان يسلكها الأوائل في التصنيف في هذا الفن، بعيدا عن التعمق والتعقيد، والتكرار والترديد، خاليا من نزعات أهل الكلام، وحشو ما لا ينفع من خاص وعام، مع سهولة العبارة، ووضوح الإشارة، بحيث يستطيع طالب العلم المبتدئ في هذا الفن أن يقرأ هذه المقدمة ويفهمها كلها أو أكثرها، في الوقت الذي يعسر عليه أن يقرأ مصنفا من المصنفات التي نسجت بنسيج علم الكلام، وألبست ألفاظ المناطقة.
ومما زادها حسنا وبهاء أنها من تصنيف علم من أعلام الأمة، وعقل من العقول التي أزالت الغمة، فكانت إثراء للمكتبة المالكية خصوصا، والإسلامية عموما، خصوصا إذا علمت أن مصنفات المالكية المطبوعة في هذا الباب قليلة في مقابل ما هو موجود من كتب المذاهب الأخرى في الأصول.
وقد استفاد العلماء من هذه المقدمة في معرفة أقوال بعض أئمة المذهب كالقاضي إسماعيل والأبهري وغيرهما، وسيأتي نقل ذلك في محله.