الحالة الاجتماعية تتبع الحالة السياسية، وهي واجهة لها، فقد انعكس الوضع السياسي على الوضع الاجتماعي، واضطرب باضطرابه، ففي سنة (٣٣٤ هـ) مثلا وقع غلاء شديد ببغداد حتى أكلوا الميتة والسنانير والكلاب، وكثر الوباء في الناس حتى كان لا يدفن أحد أحدا، بل يُتركون على الطرقات فيأكل كثيرا منهم الكلابُ، وبيعت الدور والعقار بالخبز، وانتجع الناس إلى البصرة، فكان منهم من مات في الطريق، ومنهم من وصل إليها بعد مدة مديدة.
وفي سنة (٣٥٢ هـ) أمر معز الدولة بأن تغلق الأسواق، وأن يلبس النساء المسوح من الشعر، وأن يخرجن في الأسواق حاسرات عن وجوههن، ناشرات شعورهن، يلطمن وجوههن ينحن على الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يمكن أهل السنة منع ذلك لكثرة الشيعة وظهورهم وكون السلطان منهم.
وفيها أيضًا أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد، وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد، وأن تضرب الدبادب والبوقات، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء وعند الشرط فرحا بعيد الغدير -غدير خم-، فكان وقتا عجيبا مشهودا، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة.
وفي محرم سنة (٣٧٨ هـ) كثر الغلاء والفناء ببغداد إلى شعبان، وكثرت الرياح والعواصف، بحيث هدمت كثير من الأبنية، وغرق شيء كثير من السفن.