من المعلوم أن الإنسان ابن بيئته، ويتأثر بواقعه، لذا يحسن قبل أن نخوض في الحديث عن ترجمة المصنف أن نصور الحالة السياسية والاجتماعية والعلمية التي عاش فيها ﵀.
أما عن الحالة السياسية فقد عاش المصنف فى عهد العباسيين الذين دامت دولتهم أكثر من خمسة قرون (من سنة ١٣٢ هـ إلى سنة ٦٥٦ هـ)، واتسعت الخلافة الإسلامية وازدهرت، وتقدمت تقدما عظيما، إلا أن هذا التقدم والازدهار لم يلبث أن تلاشى شيئًا فشيئا، وبدأ البساط ينسحب من تحت أقدام العباسيين، وكثرت النزاعات والانقسامات، ودخلت القرامطة بلاد المسلمين فأفسدت إفسادا عظيما، وظهر بنو بويه في سنة (٣٣٤ هـ) حيث دخل معز الدولة أحمد بن الحسن بن بويه في جحافل عظيمة من الجيوش قاصدا بغداد، فلما اقترب منها بعث إليه الخليفة المستكفي بالله الهدايا والإنزالات، ليستميله، وبايعه فيما بعد وسماه بمعز الدولة، ولقب أخاه أبا الحسن بعماد الدولة، وأخاه أبا علي الحسن بركن الدولة، وكتب ألقابهم على الدراهم والدنانير، ولم يعد للخليفة أثر في تسيير الدولة، ولم