للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْل

عند أبي حنيفة أن السجود إذا تعذر على الجبهة، وجب على الأنف (١).

وبه قال أشهب.

وقال مالك: يومئ ولا يسجد على أنفه (٢).

وقد بينا في الكلام عليه أن الجبهة هي الأصل، وأن الأنف تابع، وأن المتبوع إذا سقط؛ سقط معه توابعه.

وأيضا فإن هذا إنما يثبت على أصولهم؛ لأن الأنف عندهم بمنزلة الجبهة، فإذا سقط أن يكون بمنزلة الجبهة؛ لم يجب عند تعذر السجود على الجبهة العدول إلى الأنف، بل بدل الجبهة الإيماء، كما أنه لو تعذر السجود على الجبهة والأنف جميعا؛ وجب الرجوع إلى الإيماء.

ولو ثبت لهم أن الأنف بمنزلة الجبهة لما سقط السجود على الأنف بتعذره على الجبهة، كما أن اليدين عزيمة في السجود بمنزلة الرجلين، فبتعذر أحدهما لا يسقط حكم الآخر، ولكنه قد بينا أن السجود على الأنف ليس بعزيمة كالجبهة، وأنه تابع، فتعذر السجود على الجبهة يوجب الرجوع إلى


(١) وأجازه مع عدم التعذر أيضا، وخالفه صاحباه في حالة عدم التعذر فقالا: لا يجوز مع القدرة، ووافقاه إذا تعذر السجود على الجبهة أن يسجد على الأنف. وعن أبي حنيفة أيضا رواية بعدم الجواز مع عدم عدم القدرة. انظر التجريد (٢/ ٥٣٤) والهداية (١/ ٣٠٩).
وقال ابن المنذر بعد حكايته مذهب أبي حنيفة: "وهو قول لا أحسب أحدا سبقه إليه، ولا تبعه عليه". الأوسط (٣/ ٣٤٠ - ٣٤١).
(٢) انظر الإشراف (٢/ ٢٧٩) والمصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>