للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعرض علة فتصور المني تصور المذي، ثم لا يمنع من أن يكونا معتبرين في أنفسهما، فكذلك حكم الحيض والاستحاضة ينبغي أن يكون الاعتبار بهما في أنفسهما وإن جاز أن تعترض ذاك شبهة علينا، ويشكل علينا شأنهما، وبالله التوفيق.

فَصْل

عند الشافعي أن المستحاضة إذا فاتها التمييز عملت على الأيام (١)، وعندنا لا اعتبار بالأيام (٢) لما ذكرناه مع أبي حنيفة من أن الحيض ينتقل من زمان إلى زمان، ويقل ويكثر ويختلف، فإذا لم توجد علامته لم تترك الصلاة (٢٦١) التي عليها بيقين بدم مشكوك فيه حتى يتيقن أنه دم حيض.

ولنا أن نستدل باستصحاب الحال، وهو أن الصلاة عليها واجبة بيقين مع وجود الاستحاضة، فمن زعم أنها تسقط عنها فعليه الدليل.

وأيضًا فإن النبي قال لفاطمة: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" (٣).

فإنما يعرف إقبالها بالعلامة، فدليله أنها إذا لم تقبل لا تدع الصلاة، ولم يقل لها: إذا أقبلت مثل الأيام التي كنت تحيضها، وإنما قال: "إذا أقبلت الحيضة" التي هي الدم.


(١) وبه قال أحمد بن حنبل. انظر المغني (١/ ٤٣٤) وأما أبو حنيفة فإنه لم يقل بالتمييز أصلًا، وإنما يقول بالعادة كما تقدم في بداية المسألة.
(٢) انظر الإشراف (١/ ١٩٤) والمجموع (٣/ ٤٥٨).
(٣) تقدم تخريجه (٣/ ٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>