للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَسْألة (٤٦):

وليس يعتبر مالك في سائر الأنجاس قدر الدرهم، وقليلها وكثيرها سواء في حكم الإزالة إذا كان على وجه الصحة (١)، سوى الدم فإن قليله معفو عنه في دم الحيض وسائر الدماء (٢).

وروى ابن هب عنه أنه فرق بين دم الحيض وبين غيره من الدماء، فجعل دم الحيض قليله ككثيره (٣)، كما يقول في المني والمذي وسائر الأنجاس.

واعتبر أبو حنيفة في سائر الأنجاس قدر الدرهم البلخي (٤)، فمتى كان


(١) احترازا مما كان على وجه المرض كدم الاستحاضة وسلس البول، والجرح لا يرقأ ونحو ذلك.
(٢) لكن المتأخرين كخليل بن إسحاق اعتبروا قدر الدرهم في الدم خاصة بالنسبة للصلاة. انظر مختصر خليل مع حاشية الخرشي (١/ ١٩٨ - ١٩٩).
(٣) والأشهر مساواته لسائر الدماء. بداية المجتهد (٢/ ٧٧).
(٤) الذي ذكره أهل مذهبه اعتبار قدر الدرهم من غير تقييد بالبلخي، ولا بالبغلي، قال في الهداية (١/ ٢٠٣ - ٢٠٤): "وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والخمر وخرء الدجاج، وبول الحمار: جازت الصلاة معه، وإن زاد لم تجز". على أن أبا حنيفة نفسه لم ينقل عنه التقدير بالدرهم أصلا، وإنما نقل عنه أصحابه التقدير بالفاحش، "فما عد فاحشا منع، وما لا فلا، حتى روي عنه أنه كره تقديره وقال الفاحش يختلف باختلاف طباع الناس، فوقفه على عد طباع المبتلى إياه فاحشا، وقد روي عنه تقديره بربع الثوب، وربع أدنى ثوب يجوز فيه الصلاة، وعن أبي يوسف شبر في شبر، وعنه ذراع في ذراع، ومثله عن محمد، وعن محمد أن يستوعب القدمين، ويظهر أن الأول أحسن لاعتبار الربع كثيرا". أفاده ابن الهمام في فتح القدير (١/ ٢٠٤).
والدرهم البغلي قيل: هو منسوب إلى مدينة يقال لها رأس البغل، وهي مدينة أرمين الفارسية، وقيل: نسبة إلى اسم يهودي ضرب هذه الدراهم، وقيل: إنها بلدة قريبة من الحلة بالعراق، وتسمى أيضا الدراهم، السود، والدراهم الدينية مأخوذ من لفظ DENI اللاتيني. وذكروا أن وزنها ثمانية دوانق، وقيل: عشرون قيراطا. والدانق يساوي (٠.٧٠٨ جراما) فيكون الدرهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>